الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أما لليالي الآلام والأحزان والعذابات أن تنتهي!!

كانت وما زالت ليالي ونهارات الآلام والأحزان والعذابات المريرة، ليالي القهر السياسي والاجتماعي، ليالي السجن والتعذيب والاغتيال، ليالي الحرب والحصار والخراب، ليالي الاحتلال والسبي والاغتصاب والموت بالجملة، هي الرفيق المصاحب دوماً لشعب العراق منذ عقود حتى الآن تستنزف هذا الشعب وتستهلكه وتدفع بشبابه إلى الهجرة الأبدية بعيداً عن الوطن الحبيب ينشدون الأمن والسلامة والكرامة، بدلاً من التمييز والتهديد والاعتقال والقتل على الهوية أو بتفجيرات يومية. ويبدو إن الكثير من حكام الرثاثة الطائفية والأثنية يعملون بإصرار على إدامة الليالي والنهارات الس

وداء الحالكة الظلام التي بدونها يستحيل عليهم الاستمرار بنهب ثروات الوطن وإفقار الغالبية العظمى من الشعب لصالح حفنة ضئيلة ولكنها مُتجّبِرة لا تريد الخير لهذا الشعب. لم يمض كثيراً على حديث رئيس الوزراء العراقي مع ضباط الجيش والشرطة والأمن الداخلي واعتباره الاختطاف جريمة من جرائم الإرهاب، حتى جاء التحدي باختراق نقاط التفتيش الأمنية بشكل غير مسبوق وتفجير 14 سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين في أنحاء متفرقة من بغداد وفي ساحة التحرير التي يتجمع فيها المتظاهرون المطالبون بالتغيير. وكانت الحصيلة مأساوية حقاً، استشهاد 47 شهيداً وعشرات الجرحى والمعوقين ودمار واسع النطاق.

كانت أم عراقية تلك التي صاحت بصوت موجوع، حين عاد البعث ثانية إلى السلطة في العام 1968، وحين تسلط صدام حسين عليها: لماذا عدت يا حجاج؟ وحين بدأ نوري المالكي ولايته الثانية في العام 2010 سمعت صوتاً عراقياً مقهوراً وموجوعاً يصرخ: أعاد الحجاج ثالثة ليمرغ كرامة الإنسان العراقي بالتراب ويغرق البلد بمستنقع الطائفية والفساد والخراب والموت!!وهكذا كان ولم يخطئ ذلك الصوت الصادق! إن كل ما جرى ويجري بالعراق يعتبر نتيجة لخمسة عوامل جوهرية: 1) الاحتلال الأمريكي للعراق وفرض النظام الطائفي المحاصصي؛ 2) ممارسة الطائفية السياسية في الحكم والمجتمع والتمييز الديني من جنب الأحزاب الطائفية الحاكمة؛ 3) التدخل الخارجي ودول الجوار ونقل صراعاتهم الطائفية إلى العراق بدعم من قوى داخلية؛ 4) الجهل والفاقة الفكرية لجمهرة واسعة من الناس التي خدعت بالأحزاب الطائفية؛ 5) المساومات الأولى بين المرجعيات والمؤسسات الدينية والأحزاب الإسلامية الحاكمة والتي تمكنت من تمرير السياسات الطائفية قبل انكشاف أمر هذه الأحزاب. وسمح كل ذلك للفساد والإرهاب أن يصبحا ظاهرة يومية، وهما وجهان لعملة واحدة. وحين أزيح المتشبث بالحكم بعد السنوات العجاف، هلل الشعب لمن أقسم بتحقيق الإصلاح والتغيير، ثم خاب ظنه، فكانت المظاهرات السلمية والديمقراط

ية المعبرة عن خيبة أمل وعن غضب وإرادة للتغيير.

يقول الناس في الشارع إن رئيس الوزراء يتحدث برهاوة البطران، لأنه لم يكن المبتلى بقهر وعنجهية المستبد بأمره، فهو من قادة حزب المالكي ومن الذين تمتعوا بلا شك بامتيازات هذه القيادة والحكم. ويتمنون أن لا يكون قد نجَّس يديه بالسحت الحرام كالكثير من القادة السياسيين في سنوات الخيبة. يتمنى أن لا يكون ضمن تلك الملفات التي يهدد بها المالكي، كلما ضاقت به الدنيا، باعتبارها ملفات فساد وإرهاب. ونسى المالكي إن من يخفيها مشارك بهما، ولأن الآخرين عندهم ملفات عنه.

أخي العبادي، إن كنت صبورا على أصحابك في حزب الدعوة والتحالف الوطني والمشاركين في الحكم عرباً وكُرداً وغيرهم، فالشعب المتظاهر نفذ صبره، فالفساد يسرق خبز يومه والمفخخات تسلب حياته وتُطفئ الفرحة في عيون الأطفال. فالمظاهرات لم تنشأ عبثاً ولا بإرادة أو رغبة حزب أو جماعة، بل هي التعبير العفوي، بما تتضمنه العفوية من وعي عميق للحالة التي وصل إليها العراق وما ينتظره من بؤس وفاقة وموت. لهذا هبَّ الشعب. إن الشروط الذاتية والموضوعية للهبة والانتفاضة والثورة حين تلقي تسبب النهوض الشعبي. والنتائج ترتبط بالفرصة التي منحها لك الشعب في أن تجري الإصلاح والتغي

ير كما يريده الشعب وليس كما كنت تراه أو تريده أو ما حصل حتى الآن،  فهذا غير كافٍ. التغيير يجب أن يشمل النظام الطائفي ومحاصصاته وتطهير القضاء وتقديم كبار الفاسدين والذين سمحوا باحتلال العراق للمحاسبة والمحاكمة العادلة ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية، هوية المواطنة.

أتمنى على العبادي أن لا يفرط بثقة الشعب التي هي مشروطة بمدى استعداده لتنفيذ إرادة المتظاهرين المطالبين بالتغيير الجذري وليس الضحك على ذقون الناس. والوعد عند الحر دين!

والسؤال الملح: هل سيتطابق العبادي مع رؤية المتظاهرين ومضمون التغيير المنشود، أم إنه سيبقى يعيش محبوساً في أروقة حزب الدعوة الإسلامية ويفكر بأيديولوجيته ولا يستطيع الإفلات منهما ومن تلك القيود التي تشد قادة هذا الحزب بعيداً عن إرادة الشعب ومصالحه وحقوقه؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 23-09-2015     عدد القراء :  3126       عدد التعليقات : 0