«الحق في حياة آمنة مستقرة»
بغداد: نصير العلي
شاب عراقي تمكن ومن خلال عزفه المنفرد على آلة العود، من أن ينقل الحاضرين في مهرجان بغداد السينمائي الدولي الثاني الذي افتتح الاربعاء الماضي ويختتم اليوم إلى أجواء الأمن والاستقرار التي لم يعشها أهل هذا البلد منذ أكثر من أربعة اعوام،
فيما عكست المقطوعة التراثية التي قدمها العازف أصالة الفن العراقي الجميل وحب ناسه للثقافة والسينما والمسرح، وهنا بدأ الكل يتأمل ما كانت عليه الحركة الثقافية سابقا وما آلت اليه اليوم وكيف يعيدون الفن العراقي الى سابق عهده، والاهم من ذلك كله إعادة فنانين شتتتهم الغربة في بلدان عديدة وجمعتهم هناك أعمال فنية نقلت واقع بلدهم.
نائب الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة العراقية حاكم جابر الشمري، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على هامش أعمال المهرجان الذي أقيم تحت شعار «الحق في حياة آمنة مستقرة»، انه لم يتوقع مثل هذا الحضور الكبير وخاصة الحضور الدولي والعربي «وبحضورهم هذا وتحديهم للظرف الذي يمر به هذا البلد نقلوا رسالة جميلة للعالم اجمع مفادها أن العراق بخير وان الفن لن ينتهي في هذا البلد رغم جراحاته ومعاناته ومعاناة الفنانين خاصة»، مشيرا إلى أن الجهة التي نظمت المهرجان هي «منظمة سينمائيون عراقيون بلا حدود» وبرعاية قناة الحرية الفضائية.
وأضاف الشمري أن الكثير من الفنانين العرب من السعودية والكويت ومصر وسورية واغلب الدول العربية وأيضا من بلجيكا واسبانيا وإيران وفرنسا لبوا دعوة المهرجان بل وأكدوا حضورهم من خلال عروض فنية متميزة. وأهم ما ميز المهرجان الذي اختتم به العراقيون أيام عام 2007 هو الحضور اللافت للنظر من الفنانين والنقاد والمسرحيين والإعلاميين وحتى طلبة الكليات الفنية الذين فضلوا التعرف على نتاجات الفن العراقي والعربي والدولي.
وكانت أولى الجلسات في يوم الأربعاء الماضي وعلى القاعة الكبرى لفندق فلسطين ميرديان وسط بغداد. وقال عادل العرادي رئيس المهرجان و«منظمة سينمائيون بلا حدود» «ها نحن نلتقي مرة أخرى مع العالم».
وأضاف لـ«الشرق الاوسط» ان «ما يميز الدورة هذه هو الزيادة في حجم المشاركة العراقية؛ إذ بلغت أكثر من ثلاثين في المائة وهذا ما يجعلنا أكثر سعادة لأننا نقترب من رسالة المهرجان في تحفيز ومنافسة السينمائيين العراقيين في كل دورة تقام هنا في بغداد، وفي نفس الوقت نأسف غاية الأسف لعدم قبول أفلام بعض الاخوة العراقيين لوضوح فقر الإنتاج المزمن في السينما العراقية، كما نأسف ونعتذر للاخوة السينمائيين العراقيين الذين تأخرت أفلامهم في الوصول إلى المهرجان للحد الذي لا يمكننا انتظارهم والسبب يعود إلى ضيق وقت التحضير». وكان العرادي قد اشار في كلمة افتتاح المهرجان الى مشاكل التمويل، وقال ان الدورة الثانية «جاءت عبر مخاض صعب مقارنة بالدورة الأولى، وذلك بسبب قضية تمويل مثل هكذا مهرجانات، فضلا عن ان الظروف الصعبة التي شهدها العراق خلال السنوات الأربع الماضية جعلت فكرة تنظيم مهرجانات دولية من المستحيلات، غير أن تمويل الدورة من قبل إحدى القنوات سهل من مهامنا». الدكتور عقيل مهدي عميد كلية الفنون الجميلة ورئيس لجنة التحكيم، أكد ايضا في المهرجان على أهمية السينما في الحياة وأهمية المهرجان الذي يحمل اسم بغداد في هذه الظروف، مشيرا إلى أن لجنة التحكيم هي من دعاة السينما العراقية الجادة، وأنهم ينظرون في جمالية الفيلم بمنظور مستقبلي لأن جل المشاركين في هذا المهرجان هم من الشباب والذين يرسمون جيلا جديدا للسينما العراقية في ابتكار طرائق سينمائية.
بعد ذلك، افتتحت عروض الأفلام الصباحية وكانت على التوالي: ذبذبة مفقودة للمخرج العراقي صابر شابي والتسامح للمغربي عبد الله نهيران والعودة إلى الفردوس للعراقي فاضل العقابي، حيث تناول فلم «ذبذبة مفقودة» حكاية العنف الذي يلف حياة العراقيين. وأكد الناقد السينمائي العراقي علاء المفرجي أن مهرجان بغداد يعد واحدا من أهم عوامل تكريس صناعة سينمائية حقيقية وخلق وعي وذوق سينمائيين وهو يشكل فرصة طيبة لشباب السينما العراقية لتأكيد حضورهم. وخصصت إدارة المهرجان جوائز مالية وتقديرية للأفلام الفائزة في مجال الفيلم الروائي والوثائقي والتسجيلي والروائي القصير وللأفلام التجريبية، فيما شارك في المهرجان أكثر من 60 فيلما تمثل السينما المصرية والفرنسية والسعودية والفلسطينية والإماراتية والبحرينية والعمانية فضلا عن تجارب سينمائية لعراقيين مقيمين في بعض البلدان الأوروبية وأستراليا ومن الفلبين وسنغافورة.