الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أهل شقاق.. ونفاق ايضا

يمكن ان نستعير من الطاغية الحجاج بن يوسف ابن ابي عقيل الثقفي شتيمته للعراقيين "أهل شقاق" فنجري عليها، ومنها، مقاربة في التطبيق لما يحدث من انشقاق يضرب الآن الجماعة السياسية التي تتصدر المشهد، وتتحكم في لعبة الحكم، ونترصد، من خلالها، كيف تنشق الجماعة الى خنادق متحاربة، وكيف تنشق تلك الخنادق على نفسها، ثم، تنشق على الانشقاق نفسه، حتى صرنا لا نعرف مَن المنشق، ومَن المنشق عليه ومنه.. فهل بلغكم نبأ المشاجرة التي جرت داخل جماعة من الجماعات الاسبوع الماضي، وأية ادوات و"عيّنات" تشامرت على رؤوس ووجوه أهل الواقعة؟.

فلم يُبقِ لنا "اهل الشقاق" هؤلاء فرصة كبيرة لتحسين صورتنا التاريخية السلبية كوننا، نحن العراقيون، كما كان يصفنا الطاغية "اهل شقاق" فقد مضوا في هذه اللعبة العبثية الى ذروتها، وجرُوا معهم، واليها، جمهورا غفيرا من الاتباع: يقولون، فيصفقوا، بل ان البعض منهم راح يستعمل لغة تهديد حجّاجية نائمة “اني ارى ابصارا طامحة، واعناقا متطاولة، ورؤوسا قد اينعت وحان قطافها، واني لصاحبها” ونقلت الصحف فضلات من بعض هذا القول وكأن العراقيين خلقوا لتدمير حياتهم، والتنكيل ببعضهم.

العجيب في الامر، انه كلما بان ضوء في النفق الطويل، سارع المتشاجرون، الشقاقيون، كل من جانبه، الى إطفائه ونشر الظلام في مسرح الحوار، وكلما لاحت اشارة انفراج نحو التغيير والاصلاح وتصويب المسارات تنقلب الجماعات على بعضها وعلى نفسها وترتفع اعمدة الدخان والشائعات والتصريحات النارية من الكواليس وغرف المحاصصات فيعودون الى مربعهم الاول، وتنقلب طاولات البحث الى خنادق، وينتشر في الجو غبار الكراهيات والتهديدات، وتنغلق آخر منافذ التسوية، وتتناثر الاوراق ومواثيق الشرف في كل مزبلة، ويأتينا من على الشاشات الملونة من يقول "من اعياه داؤه فعندي دواؤه" ويصر على انه صاحب مفتاح الانقاذ، ورائد حماية البلاد “ينفي عنها المدر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب".

لقد قبَرَ العراقيون، على مدى قرون، من التحضر والمدنية وانتاج القيم والمعارف تلك الفرضية العابرة كونهم “اهل شقاق” واعترفت اجيال من المؤرخين برجاحة عقولهم وصواب تدبرهم، وعمق رسالتهم الانسانية، ومن هنا تظهر مقابح الجماعة التي احترفت الشقاق واعتاشت على فضلاته لتعيد انتاج مقابح الانطباع العتيق عن العراقيين، ولتحمل بجدارة موصوف "اهل شقاق" .. و "نفاق" ايضا.

"لا يمكنك مصافحة يد مقبوضة".

انديرا غاندي

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 04-06-2014     عدد القراء :  6006       عدد التعليقات : 0