الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
زها حديد تضع بصمتها على جبين بغداد ..!

زها حديد , زخة الابداع العراقي المنعشة في بستان المعمارالعالمي , تضيف اسم بغداد الى قائمة العواصم والمدن المهمة التي تحتضن تصاميمها البارعة لصروح فنية مختارة بعناية فائقة , أضافت لها ( مدرسة الزهو المعماري ) خصوصية عالية التفرد أبهرت العامة قبل المتخصصين , كانت وقعت عقداً مع أمين عام مجلس النواب ( أياد الشيخ نامق )* في الثاني عشر من مايس الماضي في مبنى السفارة العراقية في لندن , لتصميم المقر الجديد للمجلس الذي أطلق عليه تسمية ( الصرح التأريخي ) بكلفة ( 50 ) مليون دولار , بعد أن بادرت شخصياً بتخفيض المبلغ من ( 79 ) مليون دولار , ( لشعورها بأهمية المشروع للعراق وشعبه ) كما أشار الى ذلك السيد فاروق عبد الرحمن المستشار الهندسي لرئيس مجلس النواب في المؤتمر الصحفي الخاص بالمناسبة في الثامن عشر من الشهر الماضي .    

لكن هذا المشروع أتى محملاً ( بآثام الفوضى ) التي باتت طابعاً عراقياً بامتياز , ان كان لجهة آليات اقراره  أو في أختيار موقع تنفيذه , حيث استغرق اقرار المشروع ثلاثين شهراُ ضاعت في دهاليز تشكيل اللجان واجتماعاتها , بعد وضع حجر الأساس له في التاسع من تشرين الثاني من العام (2011 ) في موقع ( مطار المثنى ) وسط بغداد وعلى مساحة ( 300 ) دونماً من الأرض التي كان يمكن الاستفادة منها لاقامة مجمع صحي متطور ومتكامل يخدم سكان العاصمة المكتضة , التي تعاني مؤسساتها الصحية من نقص كبيرفي نسبة عدد الاسرة المخصصة لمجموع السكان , اضافة الى قدمها بعد عقود على انشائها , ناهيك عن النقص الكبير في الكوادر الصحية المتخصصة أو الخدمية الساندة .

الجانب الآخر المهم في اختيار الموقع هو التأثير المتبادل بينه ( كمجلس نواب ) وبين مواقع المؤسسات الاخرى الموجودة حوله , التي هي المحطة الرئيسية للسكك الحديد وحدائق الزوراء ومعرض بغداد الدولي ومجمع المحاكم , التي تشكل مراكز جامعة للمواطنين باعداد استثنائية لاتتناسب مع الوظيفة الرئيسية لمجلس النواب اذا كانت الأوضاع الأمنية مستقرة وطبيعية , فكيف اذا كانت مثلما هي عليه في العراق؟ , خاصةً وأن الاساليب الأمنية المتبعة في حماية المؤسسات والأفراد هي قطع الطرق وزيادة اعداد الحراس الشخصيين وتسيير المواكب الآلية المدججة بالاسلحة لضمان سلامة المسؤول الفرد , ومثلها نقاط الحراسة الثابتة وكرفاناتها التي ستشل حركة المرور من والى تلك المؤسسات التي تقدم خدماتها للمواطنين .

أن التبرير الذي قدمه مستشار الشؤون الهندسية لرئيس مجلس النواب فاروق عبد الرحمن هو أن ( أختيار المكان كان لصعوبة ايجاد مساحة بهذا الحجم على ضفاف دجلة ) لايُلزم الحكومة بأختيار( مطار المثنى ) تحديداً لسعته فقط دون الاخذ بالاعتبار تأثيرات المشروع الأخرى على المنطقة برمتها , وهي تشكل شرياناً رئيسياً يربط أحياء واسعة بوسط العاصمة , وكان الأجدى أن ينفذ المشروع في موقع آخر في اطراف الكرخ مع الاخذ بنظر الاعتبار سهولة ارتباطه بمطار بغداد الدولي ,ولضمان أمني لايربك وسط العاصمة ولايضيف معانات جديدة للمواطنين , خاصةً وأن المجلس يمثل اكبر المؤسسات العراقية عدداً للمسؤولين في موقع جغرافي واحد , اننا ندعو القائمين على هذا المشروع أن يختاروا موقعاً بديلاً لتنفيذه , طالما أن ذلك لازال ممكناً , بعد أن يستأنسوا بآراء أخرى من خارج اللجان التي أختارته .  

مشروع (الصرح التأريخي) الذي يحمل التمييز في تصميمه , هو حلم عراقي مزدوج لمصممته ولشعبها , رغم آلامه ومحنته المتفاقمة نتيجة صراع السياسيين بعد احد عشر عاماً على سقوط الدكتاتورية , كان الاجدى أن يأتي متكاملاً مع موقع تنفيذه ليشكل مزاراً مهماً للعراقيين , ومفخرةً لهم أمام ضيوفهم من المهتمين بالابداع النوعي المتدفق من أمرأة عراقية أسمها ( زها حديد ) , لكن يبدو أن قدر هذا الشعب أن لاتكتمل أحلامه الا بشق الأنفس .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 09-06-2014     عدد القراء :  6315       عدد التعليقات : 0