الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الإرهاب: عندما يصبح ذريعة للعدوان..!!؟

في آخر مقالتين، وضمن نفس موضوع العنوان أعلاه، جرى التأكيد على مبدأ مهم من مباديء القانون الدولي، ومن ميثاق الأمم المتحدة، وهو مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضاء الأمم المتحدة،  كما نصت عليه المادة الثانية / الفقرة /1/ الفصل الأول من الميثاق، وبدلالة المادة الرابعة/ الفقرة/1 من الفصل الثاني من الميثاق..!

وبالتالي وطبقاً  لنص الفقرة/7 من المادة الثانية أعلاه، فقد أكد الميثاق وطبقاً للنص المذكور، على خلو الميثاق من كل ما يسوغ " للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون الداخلية، التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، مما يعزز مبدأ " سيادة الدولة " العضو في الأمم المتحدة، إلا في تلك الحدود التي نص عليها الميثاق..!(1)

وبالعودة الى أصل الموضوع، وكما جاء في صلب المقالتين المشار اليهما في أعلاه، يصبح الحديث عن ما يدعى اليوم، بمحاولة تشكيل " التحالف الدولي" ، الذي تسعى اليه أمريكا وحلفها الغربي_ الخليجي، لتدمير ما يدعى بتنظيم "داعش" وتشكيلاته المسلحة، في كل من العراق وسوريا، من الأمور التي تتطلب الكثير من الحذر والتأمل، بما يتوافق ونصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وبصفة خاصة، فيما يتعلق بعدم خرق مبدأ سيادة الدول الذي أشار اليه الميثاق، كما مبين في أعلاه، الأمر الذي جرى التطرق اليه في المقالتين آنفتي الذكر..!

وبعيداً عن تكرار ما جرى التنويه عنه ضمن المقالتين، نشير هنا الى أن الخطوات العملية الأخيرة التي دأب الجانب الأمريكي وبعض من حلفائه في الدول العربية، ومنها السعودية، على إتخاذها بهذا الشأن، ومنها المؤتمر المزمع عقده في السعودية اليوم الخميس/ 11/9/2014 ، ومشاركة العراق فيه بوزير خارجيته الجديد السيد إبراهيم الجعفري، إنما يفهم منه وكأنه شيء من التنسيق في هذا المجال، خاصة وأن دولة العراق، هي من عناها طلب الجانب الأمريكي بهذا الخصوص، علماً وكما تمت اليه الإشارة اليه سابقاً، فإن العراق وأمريكا تحكمهما معاهدة مشتركة بهذا الشأن، وقد أشارت جميع الدلائل، على أن العراق لا يزال يطالب الجانب الأمريكي بالتدخل لمساعد العراق في مواجهة التنظيم الداعشي، وطرده من المحافظات التي جرى إحتلالها من قبله في حزيران/2014 ، الأمر الذي جرى تأكيده في اللقاء الذي تم بين رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي، والسيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء 15/9/2014 ، وفي ترحيب السيد العبادي بإعلان الرئيس الأمريكي في إستراتيجيته الوقوف مع العراق في حربه ضد "داعش"..!(2)

ولكن اللافت للأمر من الجانب الآخر، هو تلك الإشكالية في تحديد الأهداف والوسائل المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم/ 2170 ، حيث وطبقاً لتصريح السيد كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، فليست هناك من حاجة لقرار آخر لتشكيل "التحالف الدولي"، وما هو أكثر وضوحاً في القرار/ 2170 ،  شموله كل من العراق وسوريا، كميدان لنشاط تنظيم " داعش " الإرهابي، الأمر الذي دفع أمريكا وحلفها الغربي _ الخليجي الى التركيز على العراق وسوريا، بإعتبارهما البلدين المشمولين بنشاط " التحالف الدولي" المزمع تشكيله..!؟

ولخصوصية الحالة السورية، بشمولية الإرهاب الذي تتعرض له منذ أكثر من ثلاث سنوات، والمدعوم لوجستياً ومعنوياً من قبل غير قليل من دول التحالف الدولي المزمع تشكيله، ومنذ البداية، تصبح إشكالية نشاط التحالف المذكور أكثر تجلياً منها في سوريا، على ما هي عليه في العراق، والتعارض بين نشاط التحالف من جهة، وبين موقف الدولة السورية في الدفاع عن سيادتها،  سيكون أكثر وضوحاً قياساً ومباديء ميثاق الأمم المتحدة، في حالة الخلط بين التحرك الدولي للقضاء على نشاط تنظيم " داعش" من جهة ، وبين التحرك لإسقاط نظام الدولة السورية القائم، وذلك تحت واجهة دعم المعارضة السورية المعتدلة، وفقاً للموقف الأمريكي وحلفه المنشود..!؟(3)

فالأمر لا يحتاج الى كثير من التعقيد بالنسبة لتدخل التحالف الدولي المنتظر بالنسبة للعراق، وفقاً لما تقدم، وطبقاً لتصريح الرئيس أوباما المشار اليه أعلاه، بقدر ما هو عليه الحال في سوريا، رغم ما أبداه الجانب الإيراني من تحفظ بهذا الشأن..!(4)

فأي تدخل للتحالف في الشأن السوري، وإن جاء بذريعة ملاحقة وجود قواعد تنظيم " الدولة الإسلامية" في سوريا، فإنه وبدون التنسيق مع الدولة السورية في ذلك، سيجر الى تعارض حاد مع مباديء ميثاق الأمم المتحدة في إحترام سيادة الدول، وسيرقى في حالة الرفض السوري لذلك التدخل، الى مصاف العدوان على إستقلال وسيادة الدولة السورية، خاصة إذا ما إقترن ذلك التدخل، بالدعم اللوجستي من قبل دول التحالف المنتظر، الى " قوى المعارضة السورية المعتدلة" على حد قول الرئيس الأمريكي، وتمكينها من الحلول في المواقع المحتلة من قبل " داعش " سابقاً، الأمر الذي سيكون له من المضاعفات، ما يرقى الى أن يصبح، بمثابة إنتهاك صارخ لإستقلال وسيادة دولة سوريا، وبمثابة عدوان مباشر على أراضيها، ولا يختلف في شيء عن غزوات حلف الناتو لدولة ليبيا من قبل..!؟

وفي نفس السياق، لا يغيب عن البال مبادرة السعودية في دعمها لفكرة تشكيل التحالف الدولي لمحاربة ما يدعى ب" الدولة الإسلامية"، وإسهامها الفعال على صعيد الواقع، من خلال [[ استعداد السعودية لتدريب المعارضة السورية على أراضيها، ضمن الخطة المتعلقة بمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".]] ..!؟؟(5)

فالى اين ستتجه مرامي وغايات التحالف الدولي المنشود، وهي لم تعد تخفي أهدافها في ظل كل هذه الفوضى والتضليل الإعلامي المستمر، وبعد أن إفتضح أمر التلاعب بورقة " داعش" كذريعة لتبرير ما هو أعظم..!؟

فذريعة استخدام السلاح الكيمياوي من قبل سوريا، ليست بعيدة عن الذاكرة، وما جاء في خطاب الرئيس أوباما الى الشعب الأمريكي يوم الخميس 11/9/2014 ، من إجازته لتوجيه الضربات الجوية داخل سوريا، بالإضافة الى تقديم المساعدات اللوجستية الى المعارضة، وعدم التعاون مع دمشق..!!؟(6)

كل هذا قد أثار حفيظة موسكو حيث وجدت فيه تحركاً أمريكياً جديداً وحجة لضرب مواقع في سوريا، فقد [[أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تخوفه من أن تقوم الولايات المتحدة بقصف مواقع سورية في سياق سعيها لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية".]](7)

فالتذرع ب "الإرهاب" ليس بالأمر الجديد، وما تعرض له العراق في العاشر من حزيران/2014، من طوفان إرهابي، وما ترتب عليه من تداعيات كارثية على صعيد الشعب والوطن، لا يخرج في قضه وقضيضه، عن سيناريو قد تم إعداده بحنكة وإتقان، فلا حاجة بعد كل هذا الوضوح، الذهاب عميقاً في الإستغراق والبحث، للتدليل على نوايا ومقاصد التحالفات والسيناريوهات التي جرى ويجري تشكيلها في المنطقة، وليس بعيداً عنها ما كان يدعى ب " الربيع العربي" ، وكان لنا في ذلك كلام كثير..!؟

  كتب بتأريخ :  الجمعة 12-09-2014     عدد القراء :  3126       عدد التعليقات : 0