الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
من يعتقد أن قائده ( ضرورة ) .. يرفع له صورة في بيته ..!

التوجيه الذي أصدره يوم أمس رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ( وجه بمنع تعليق صور رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة على الأبنية الحكومية ومؤسسات الدولة والمقرات ونقاط التفتيش الأمنية والعسكرية ) ، يعتبر الأول من نوعه منذ تأسيس الدولة العراقية ، وسيحسب للرجل حتى بعد مغادرته لموقعه الرسمي ، شرط أن تتم متابعة تنفيذه بحزم وبقوة القانون ، وبأمكانه أن يزيد من أهمية هذا التوجيه ومردوداته المختلفة بما فيها الاقتصادية في هذه المرحلة المهمة من تأريخ العراق ، أذا طوره ليشمل منع رفع صور اي شخصية عامة أو رسمية في جميع مؤسسات الدولة العراقية ، ودعا الى اعتماده كقانون يرفع الى مجلس النواب لمناقشته في جلسة علنية تمهيداً لأقراره .

أهمية هذا الأمر تأتي من خلال النتائج الوخيمة التي تسببت بها ( غابات ) الصور والجداريات التي أغرقت الشارع العراقي بألوانها وحجومها وغاياتها وشعاراتها التي قسمت العراقيين واستخدمت من الأطراف المتصارعة بأبشع اساليب الاستخدام للوصول الى غايات ليس للشعب فيها ناقة ولا جمل ، وقد تحمل نتائجها ولازال منذ سقوط الدكتاتورية ، دون أن يكون لها اي تأثير ايجابي على اعادة الامن او البناء الموعود به في برامج الاحزاب التي تحولت الى حبر على اوراق خطبهم الرنانة ومؤتمراتهم الفاشلة ، ناهيك عن الشعور المقيت الذي يعصف بنفوس العراقيين من تكرار نفس اسلوب الجلاد السابق الذي كانت صوره وجدارياته تطالعهم في كل مكان وزمان ، وتلاحقهم حتى الى المقابر .

لقد كان السقوط المدوي لتمثال الدكتاتور في ساحة الفردوس وآلاف المواقع الأخرى في مدن العراق ، فرصة لا تعوض لمنع هذا الاسلوب المستفز في تمجيد الاشخاص ، لو كان الظرف آنذاك أفرز قائداً وطنياً مميزاً وشجاعاً ، لكن القادمين الجدد استطابوا نفس المنهج واستمر ضحاياهم ينزفون دماً وتضيع احلامهم في الهواء الفاسد الذي لوثته الدكتاتورية بزفيرها العفن، ولم تترك للشعب خياراً انسانياً على مدى اربعة عقود من القمع والتسلط والحروب وقائمة طويلة من الجرائم التي طالت جميع العراقيين واتت على مستقبل أجيال متلاحقة دون ذنب ، قبل أن يستمر نفس المسلسل المرعب خلال الاحد عشر عاماً التي اعقبت سقوطها ، نتيجة صراعات اطراف السلطة وهزال ادائهم .

أن تكاليف انجاز هذا الكم الهائل من الجداريات والصور يتجاوز المليارات، في الوقت الذي تشتكي الحكومة المركزية وحكومات المحافظات من الضائقة المالية الخطيرة التي يتعرض لها العراق بعد الخسائر التي تسببت بها عصابات داعش ، وتكاليف المواجهة العسكرية المستمرة ، اضافة الى ما تحتاجه الدولة في ملف النازحين والانشطة الحكومية العامة، وفي الوقت الذي يعيش العراقيون في احياء التنك ، تكون صور القادة بثيابهم الزاهية وابتساماتهم العريضة شاهدة على الفشل العام وسوء الاداء وما نتج عن ذلك من كوارث .

على ذلك يكون توجيه رئيس الوزراء بحاجة الى تطوير ليشمل جميع الصور دون استثناء ، وليشمل جميع مؤسسات الدولة باعتبارها لا تمثل اشخاصاً بعينهم مهما علت مقاماتهم ومراكزهم، هي مؤسسات للشعب العراقي بكل تلويناته وليس لها علاقة بالأحزاب وتفرعاتها كذلك، ومن يعتقد أن قائده ( ضرورة ) فليرفع له صورةً في بيته ومقر حزبه ولا يفرضه على غيره ، ولا يكلف المال العام تبعات اعتقاده الشخصي .

  كتب بتأريخ :  السبت 13-09-2014     عدد القراء :  3585       عدد التعليقات : 0