الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الجزية ..خطاب ديني يتجدد..!!
بقلم : نوفل كريم جهاد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

عادت لنا ضريبة الجزية اليوم لتنفض عنها غبار التأريخ مثل المارد القابع بين السطور في الصحف الصفراء و القادم من غياهب العصور السابقة ، عصور بطولات فرسان المسلمين و الروايات عن الغيوم التي تمطر الخراج والفيء للمؤمنين ..

عادت لنا هذه المرة في القرن الحادي والعشرين .. عادت غريبة وغير مقبولة ..

بل قد تكون وحشية وقاسية ولا تحمل اي معنى للتسامح في دين الأسلام السمح ،

اليوم وبعد كل القرون الماضية فرضت وبالقوة دولة الخلافة الاسلامية حد الجزية على غير المسلمين من البشر وكأن الفضيلة العظمى للمسلمين على الانسانية هي أن ديانتهم الأسلام وكفى..!

قد أثار فرض حد الجزية هذا الجدل بين مدافع ومستنكر .. مؤيد ومعارض .. !

مما دفعنا أن نتسأل هنا : هل نعمل على تطبيق حد الجزية اليوم كما كان في السابق .؟

وهل نستمر بتقبل مثل هذه الاحكام اليوم كما كان يتقبلها اجدادنا من قبل .. والسبب طبعا هو القناعة التامة بأن الاسلام هودين لكل زمان ومكان..

حيث لايزال شعار ( الأسلام هو الحل ) يسلب العقول ويلهب المشاعر ويشحذ الهمم .؟

ما أطرحه هنا هو اذا عملنا على تطبيق حد الجزية اليوم في زمننا هذا فقد يندرج

عملنا ضمن انتهاكات حقوق الانسان أو يصنف نوع من انواع التمييز العنصري لأن الجزية هذه ضريبة تستهدف فئة من الناس حصرا .. لا لسبب سوى أنهم يختلفون عن غيرهم في الدين لا أكثر ...!

وقد لا نجد سوى تسميتها بأنها - الضريبة الدينية - طبقا للمسميات الحديثة .. وهي وفقا لمفهوم العصري للحرية والمساواة بين البشر ضريبة عنصرية بحتة بل هي مُهينة وتحمل معاني الذل والانكسار للأخرين من البشر لأنهم ينظرون للسماء بطريقة مغايرة عن المسلمين ولأنهم مختلفي العقيدة والأيمان . !!

ولأنني لست بصدد تفسير أحكام الجزية بل هو شأن رجال الدين والأختصاص.. لكني أنظر للموضوع بصورة أنسانية خالصة متجردة من كل الأنتماءات .. أنظر للموضوع مثلما أنظر الى نفسي في المرآة لتَعكس لي وقع أسقاط ضريبة الجزية على نفسي كأنسان اولا يحمل ذات المشاعر والأحاسيس التي تنتاب الأنسان الأخر ممن فُرض عليه حد الجزية ..! و هنا لا يمكن أهمال البعد الأنساني للموضوع أبدا.. بل على العكس علينا أن نعمل بعمق على فهمه رغم سيرنا الحثيث نحو المصير الحتمي الا وهو الأسلام الى الأبد .. و تحت نفس الشعار الفضفاض.. الأسلام هو الحل ..!!

اقول أن الانسان العربي المسلم اليوم ممن يعيش في دول الغرب المسيحية لا يدفع الجزية بالتأكيد لانه من الأقلية المسلمة ..ولا يدفع الجزية لأنه في ذمة المسيحي الغربي ..وكذلك لا يدفع شئ تحت عنوان انه مسلم مقابل السماح له بالعيش بكل بساطة في بلاد الغرب المسيحية .. ولم يُطلب منه خلاف ذلك دخول الكاثوليكية او الارثذوكسية لكي يرفل بالأمان والحماية تحت ظل الصليب .. ولم يُخير بين الموت او الحصول على صك الغفران في دار المسيحية .. مثل ما يردد رجال الدين عن أحكام غير المسلمين ممن يعيش في دار الأسلام ..!

فنحن نتحدث اليوم في القرن الحادي والعشرين عن قيم أنسانية تنظر للفرد نظرة ثابتة لا تتغير بأختلاف الدين او العرق او اللون ولا نجد فيها من يدفع عن يد وهم صاغرون .. لأنها بكل بساطة قيم تمنح مطلق الحرية بالعيش الكريم والمساواة للجميع مع أختلاف العرق واللون و العقيدة والدين ..!

والأن لنستعرض بعض شروط و أحكام عقد الجزيه على من تقع عليهم من غير المسلمين :

1. ألا يركبوا الخيل ولا البغال النفيسة، ولهم ركوب الحمير.!!

2. أن يمنعوا من جادة الطريق ويضطروا إلى أضيقه.!!

3. أن تكون لهم علامة يعرفون بها كالزنار ويعاقبون على تركها.!!

وامام مثل هذه الاحكام ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ونعيش الحداثة والتطور لابد أن نتسأل عن مدى ملائمة مثل هذه الأحكام اليوم لزمن يختلف بالتأكيد عن زمن الأسلام الاول ..و لا بد أن يكون هناك نقد جدي وبكل عقلانية للفهم التقليدي المتوارث للدين بحيث نتمكن من خلق مجتمع أسلامي عربي أفضل لهدف بناء أنسان عربي مسلم نبيل...بحيث لا يستوقفنا نفس الشعار الفضفاض الاسلام هو الحل ..وعليه فقد نجد صعوبة في تقبل ان الأسلام هو لكل زمان ومكان .. وأن كل التشريع والأحكام هي ثابته و أزلية ولا تقبل المراجعه او التحديث وهنا تكمن مفارقه كبيرة جدا بين المصداقية الاخلاقية للدين وبين أعادة التفكير و مناقشة مثل هذه الاحكام .. وهذا هو بأختصار سبب يدعونا فعلا لتقديم خطاب ديني جديد يناسب عالمنا المعاصر و يتلائم مع أرادة الأنسان الحر نحو الغايات السامية....

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 16-09-2014     عدد القراء :  2223       عدد التعليقات : 0