الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ما أرخصك دم العراقيين !؟

تلملم حزن روحك مع متاهات الليل لأنها الوحيدة التي تليق باحتضان أحزانك، مادام لم يعد للروح من متكأ غير هذه المتاهات، ومادام لا ينفع الصبر ولا ذلك الضوء المؤمل الذي يمكن رؤيته في أخر النفق، فقد كثرت الاتفاق بأرواح العراقيين وما عاد ينفع معهم  الاستدلال على الضوء، فلا ضوء ولا هم يحزنون، ليس سوى الظلام وليس سوى السير في طريق الدماء النازفة كل صباح وكل ظهيرة وكل مساء، فما ارخص الدم العراقي؟ وما أسهل التفريط به من قبل حكامنا، لكأن العراقيين خلقوا للقتل فقط؟ يشربون الموت رغما عنهم، يرتدون أكفانهم كل صباح وهم ذاهبون إلى أماكن عملهم لأن ما يجري أمامهم كل ساعة يجعلهم واثقون مما سوف يحدث لهم، يودعون عوائلهم لأن الموت في انتظارهم منذ مغادرتهم عتبة أبواب بيوتهم، الجميع يعرف أن لا فائدة ترتجى من قول ذلك، ما دامت عربة الحكام تسير بطريق أخرى، طريقهم هي طريق منفعة أحزابهم، طريق منفعتهم الحزبية، فقد كان سيرها معبدا بدماء العراقيين سابقا والآن ويبدو مستقبلا، وكل حديث عن صيانة الدم العراقي، لا يعدو أكثر من قرع على صفائح فارغة، والسبب بسيط جدا لأن دماء العراقيين لا تعني شيئا للحكام إلا عندما يتعلق الأمر بتحقيق منصب وزاري يُمنحون من خلاله أعلى امتيازاتهم، هنيئا لك أيها الدم العراقي مادام حكامك تجاوزوا حاتم الطائي بكرمهم..

تلملم حزنك مع متاهات الليل لأنها ربما تستجيب للوجع المتأصل في روحك منذ قرون، وكل أسباب هذا الوجع هم الحكام، وألا فأن القاعدة والتقاليد العسكرية في كل جيوش الأرض تقول،  عندما تقع وحدة عسكرية في حصار العدو فعلى الوحدات العسكرية الأخرى أن تهب لنجدتها، وما حدث في الصقلاوية قبل يومين ما هو إلا استهانة علنية بدم وأرواح العراقيين، وإلا من ْ يستطيع تفسير إهمال 400 جندي عسكري يُحاصرون من قبل داعش لأكثر من أسبوع دون أن تمد إليهم يد المساعدة وتخليصهم من موت محقق؟ ليس هناك من تفسير غير الاستهانة بدم العراقيين، فما أرخصك دم العراقيين!؟ وما اشد بؤس حكامك!؟

تلملم حزنك مع متاهات الليل وأنت تستعيد قصيدة(بعد القيامة) للشاعر العراقي الراحل سرگون بولص لعل روحك تهدأ ولو قليلا

(ستذكر كيف كان المذيع

ينقُ بالأخبار كالضفدع في كهفه الشفاف

ويطلق فقاعات الموت من فمه

متشدقا ً عن مزايا التكنولوجيا

في صنع الأسلحة الفتاكة

بينما ترى التاريخَ في عينيه الفارغتين يَدْمى

ونهر الدم يجري)  

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 23-09-2014     عدد القراء :  2934       عدد التعليقات : 0