الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سؤال بريء عن احتفالية البرلمان

هل دخل حب الإمام علي"ع"قلوب العراقيين مع وصول أحزاب الإسلام السياسي إلى قبة البرلمان وكراسي الوزارة ، وهل الذين أشاعوا الفساد والطائفية والمحسوبية هم جنود"الإمام"في العراق، فنراهم اليوم يعتقدون أنهم في حرب مع الكفار؟ كيف تتحول معركة بناء مؤسسات الدولة، إلى معركة بين الكفر والإيمان؟ معركة يخرج بها العديد من المسؤولين ليمارسوا لعبة خلط الأوراق.. كل هذه الأسئلة يجب أن تطرح وتناقش ونحن نقرأ ونسمع عن الاحتفالية التي خصصها مجلس النواب ليوم الغدير.

لم أكن أتمنى أن أكتب في هذا الموضوع ، لكن وأنا أتابع ما يجري في الشارع من أحداث وما تتعرض له البلاد من هجمة إرهابية شرسة، أرى كما يرى كثير من العراقيين أنّ الاحتفالية لن تفسر لصالح القائمين عليها ، وربما ستفسر كما لو أنها، محاولة للالتفاف على مآسي العراقيين، الذين ينتظرون انتشالهم من حالة الخوف والخراب والإهمال الذي يعيشون فيه.

إن إبراز قيم ومآثر الإمام علي"ع" تكمن في استذكارها، وتحويلها إلى أُمثولة، عبر قراءة سيرة هذا الرجل العظيم، والتوقف عند مأثرته، وتضحيته دفاعاً عن الحق والعدل، كما أن اللعب على مشاعر الناس ليس سياسة، لكنه إلغاء للسياسة فهل السادة النواب يتولون مهام دينية لإلغاء الجانب السياسي والخدمي من البرلمان ، والنواب يعلمون، يقيناً أن المواطنين انتخبوهم ، لأنهم يمثلون فصائل سياسية ، وليس بصفتهم رجال دين؟ ولهذا لا يجوز استخدام البرلمان مكاناً لإقامة شعائر دينية.

سيقول البعض يا أخي: لماذا تنظر إلى الأمر نظرة سطحية، وسأقول ماذا لو أن نوّاباً آخرين قرروا أن يقيموا احتفالات لمناسبات دينية تخصهم، هل نمنعهم أم نتضامن معهم؟!

أيها السادة،علينا أن نُدرك بأن الموضوعية شرط أساسي لنجاح عمل البرلمان ومعه مؤسسات الدولة، كما أن تجارب التاريخ والأمم تعلّمنا أن الإنسان لا يستطيع أن يحقق شيئا إذا كان لا يرى في هذه الدنيا سواه والمقربين منه، التنوع إثراء وإغناء لأي مجتمع، وهو وحده القادر على بناء مجتمعات صحية تتنفس هواءً نقياً غير ملوّث بالطائفية والعنصرية!

وسأعود لأسال السؤال الذي طرحته في بداية المقال، هل يعرف الذين يتذكرون إمام العدل هذه الأيام،، معنى أن ينهض الإنسان باسم التنوّع واحترام الآخر.. إن إمام المتّقين حذّرنا وهو يخوض ثورته الكبرى ضد الاستحواذ والهيمنة باسم الدين وإقصاء الآخر، من حكّام يكذبون ويغدرون ويفتكون، ومن ضعاف ينافقون ويزوّرون.. وعلينا اليوم أن نتذكر الإمام عليّاً ونحن نعيش في ظل ساسة استبدلوا الفضائل بالرذائل.. ويعتقدون أن التزييف والكذب هما طريق النجاح.. فيما يزداد الفقراء فقراً وتكتظّ جيوب الساسة والانتهازيين بالمال السحت!

للأسف البعض يعتقد أن الفشل لو وضع مكانه كلمة دين سيتحول إلى نجاح منقطع النظير.. يهرول الناس للحصول على بركاته.. هذه الخدع العاطفية مفضوحة، لكن هناك من يتصور أنه أشطر من"القائد المؤمن"الذي أراد أن يُطعمنا من خرافة"دولة الحشمة والأخلاق الحميدة".

اليوم نجد من يضع القناع الديني لسياسات فاشلة أنتجت الملايين من الفقراء.. وأجهضت أحلام الناس ببناء دولة المؤسسات وتعويض غياب رجل دولة حقيقي بـ"روزخون"مهمته الأساسية الاستحواذ على مقدّرات البلاد ، ونشر ثقافة ترى أن العراقيين جميعا يعيشون في"الجاهلية"وهو وصحبه مبعوثو العناية الذين سينقذون هذا الشعب الغارق في المحرمات ويعيدوه إلى"الطريق المستقيم".. ويُقنعون الناس البسطاء بأن يقولوا للناس إن الإمام عليّاً معنا.. وإنهم - النواب والساسة - وحدهم المدافعون عن الطائفة والمذهب.. إنه العبث الكامل.

للأسف بعد أحد عشر عاماً من التغيير لم نقرر بعد: هل نسمح بالاختلاط بالجامعات أم نرحل الطالبات الى منطقة الزعفرانية خوفا من الفتنة، وهل زواج القاصرات أهم من معالجة البطالة ، وهل سيكون يوم السقيفة عطلة رسمية، أُسوة بيوم الغدير؟

  كتب بتأريخ :  السبت 18-10-2014     عدد القراء :  3870       عدد التعليقات : 0