الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ماذا يعني انتصار جرف الصخر؟

بهزيمته في معركة جرف الصخر، ثم الفاضلية، وقبلها في بيجي والعظيم، بدأ تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" في رحلة العد التنازلي، على الارض، وبانتظار الحملة السياسية والاعلامية المنهجية لاستئصال نزعة العنف والتدمير والكراهية الشنيعة التي سوقها الى وسط من الشراذم المحليين، ولمواجهة التطرف الديني والطائفي المجتمعي، وهو الارضية الايديولوجية لمشروع الردة الذي يبشر به هذا التنظيم وسعى ويسعى الى ترجمته الى الواقع العراقي.

قاعدة جرف الصخر أعدت من قبل الارهابيين، طوال اكثر من عام، كنقطة ربط استراتيجية بين خطوط غرب العراق (الانبار والفلوجة) وشرقه (ديالى..) وبعبارة اخرى، هي الجسر بين الحدود مع سوريا وبين الحدود مع ايران، كما انها أعدت من قبل داعش، وفلول التصنيع العسكري لنظام صدام حسين، كنقطة وثوب الى العاصمة بغداد وخاصرة اختراق للنظام الامني الوطني بعزل مناطق الوسط في ساتر منيع، ويعزز هذا المنظور ما كشف في جرف الصخر من انفاق ومعامل وآليات تدخل في عداد التعبئة الاستراتيجية للارهابيين.

الى ذلك، فان دروس الحروب والمعارك تحذر من النظر الى "العد التنازلي" للعدو على انه مضيّ ميكانيكي مستقيم الى نقطة الهزيمة، فان المهزوم الجريح عادة ما يرتكب شنائع بكل ما يعترض سبيله، فكيف إذا كان هذا العدو، هو داعش، الذي يعتبر الشنائع جزءا عضويا من مشروعه "الجهادي" وقد ارتكبها في صعوده الى معادلة الامن والسياسة، في وضح النهار، الامر الذي ينبغي على القيادات المعنية، واصحاب الرأي والمراقبين السياسيين ان يتوقعوا ردود افعال داعشية لا سابق لوحشيتها وانفلاتها، وقد تشمل شرائح ومشايخ وزعامات مقربة منها، أو متواطئة معها، او متفرجة على

ما يجري، في حال من الريبة وانتشار الشكوك، وفي هوس مضاعف للانتقام الاعمى.

وبموازاة ذلك، فان معركة جرف الصخر سجلت فضيلة الصبر وتحمل الصعاب والتضحيات بالنسبة للمقاتلين، وتجنب المعارك الاعلامية الهامشية التي كانت وصفة قديمة للحرب على الارهاب، الى جانب النأي عن التمضهر البطولي الاستعراضي للعسكريين والقيادات السياسية المعنية.

مع ضرورة التذكير بان الوقت لم يفت على تصويب اتجاهات التعبئة الوطنية، بعيدا عن الطائفية وقصر النظر ومحذور التكسب السياسي، فكلما جرى ترسيخ هذه المبادئ في المواجهة  سيكون عمر داعش على الارض العراقية قصيرا.. وأقصر مما نظن.

********

"ما يكتب دون مجهود يُقرأ، على العموم، دون استمتاع".

صموئيل جونسون- اديب انكليزي

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 29-10-2014     عدد القراء :  3924       عدد التعليقات : 0