الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بغداد- أربيل.. والفتور

منذ ان فُتحت معابر التسوية المعطلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم غداة تشكيل حكومة حيدر العبادي كان واضحا بان الانتقال الى مسار جديد، وفاعل، من العلاقات بين الطرفين لا يتحقق بعبارات التهدئة، وإبداء النيات الحسنة، وتبادل الزيارات، وتكرار البديهيات عن المصير المشترك، على أهمية كل هذه المفردات، بل وفي الخطوات الملموسة على الارض، وهي معلنة ومتداولة ومعروفة في المحاضر الرسمية، ومُعرّفة في جملة اجراءات كان ينبغي ان تُتخذ منذ اسابيع لتبلط الطريق امام عملية ربط ما انقطع من قنوات امنية واقتصادية وسياحية واجتماعية ليست قليلة.

ولقد تابع الوسط السياسي والشعبي والرأي العام بارتياح اللغة الجديدة التي استخدمها السيد العبادي لجهة العزم على تنقية الاجواء مع الكرد وزيارته الى الاقليم وظهور بوادر للامساك بحلقات الحل ومواضع الشكوى وبناء توقيتات واقعية للخطوات والترتيبات الخاصة بالتنفيذ، وقد نجح باختراق منطقة التماس الملتهبة التي كادت ان تضرم النار بدولة الشراكة، وصار واضحا ان ثمة سياسة مركزية رشيدة تأخذ طريقها الى الواقع.

وعلى الجانب الاخر اصبح واضحا بان الاقليم، ممثلا بقياداته السياسية وبرلمانه ومؤسساته الشعبية، تجاوب مع رسائل العبادي وعبر ذلك عن نفسه في انضمام الوزراء الكرد الى الكابينة الحكومية، وقبلها اضطلاع قوات حرس حدود الاقليم”البيشمركة” بالتصدي للتمرد الارهابي الاجرامي ودفعه عن مناطق واسعة واسترجاع سد الموصل الاستراتيجي، وإبداء الاستعداد للبحث في بدائل عن الحلول غير المقبولة، ثم، تعزز هذا النهج بدعم القوى المشاركة في الادارة وسلطة القرار.

ومن منطلق التبصير المسؤول، والمخلص، القول بان تجربة السنوات الماضية اكدت بان تاخير تنفيذ الالتزامات والوعود في قضية حساسة مثل العلاقة بين بغداد واربيل يؤدي دائما الى مراكمة الشكاوي والاتهامات والريب، ويخلق بؤرا للتوتر، سرعان ما يستغلها لاعبون (ومهرجون) في الساحات السياسية والاعلامية والشعبية لإثارة الريب والكراهيات بين الجانبين، بالاضافة الى اصوات من الطرفين لا تتحسب كفايةً لنتائج التصريحات المتعجلة والمتشنجة والعابرة لروح المسؤولية.

ومن دون لف ودوران، فان ثمة فتور على جبهة العلاقة بين حكومتي المركز والاقليم، وأن التاكيد على المسؤولية المشتركة لكل منهما في منع تحول الفتور الى أزمة لا يقلل من شأن المسؤولية، الاولى، الملقاة على عاتق الحكومة الاتحادية ورئيسها السيد العبادي، في استبعاد سياسة المراوحة والارجاء والتردد وضرورة الدخول في مرحلة التنفيذ الجدي للالتزامات، وبخاصة ما تعلق منها بمعاشات موظفي الدولة المتوقفة لأشهر في محافظات كردستان وميزانية الاقليم والاجراءات الخاصة بالمادة 140 وهي جميعا بمثابة خطوات واجراءات حيوية، وليست الغاما كما كان يقال في السابق.. علما بان التلكؤ في معالجة الملفات يؤدي الى احتقان، والاحتقان الى الغام، والالغام الى عواقب.. وما أدراك ما هي؟.

"الغريب هو أن تفعل الشيء نفسه، مرةً بعد مرةٍ ، وتتوقع نتيجةً مختلفةً".

اينشتاين

  كتب بتأريخ :  الخميس 06-11-2014     عدد القراء :  3723       عدد التعليقات : 0