الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
داعش.. وفوضى التأويل

من الطبيعي ان ينشغل الكتاب والباحثون والسياسيون والمخططون الاستراتيجيون في تأمل ظاهرة داعش، وتاشير مصادر قوتها، وحقيقة ايديولجيتها وفكرها الحركي والعسكري، وقيادتها، وحلفائها، وخلاياها النائمة، وكل ذلك ما يدخل في شروط ومقومات الحرب التي تُشن عليها على ارض العراق، بخاصة.

والمرور السريع بطائفة من وجهات النظر يكتشف المحلل، للوهلة الاولى، ان هناك اضطراب في وحدة التأويل، بين المبالغة في متانة وديناميكية تنظيم ما يسمى بالدولة (الخلافة) الاسلامية، و”عبقرية” قيادتها وزعيمها النافذ ابو بكر البغدادي، وبين التقليل من شأن عناصر القوة لهذه الظاهرة وردّها الى جهات استخبارية دولية واقليمية، ولحاضنات محلية متنفذة على الارض ولها خبرات عسكرية مؤكدة.

وإذْ ينبغي الاقرار بان التأويل الواقعي، السليم، للظاهرة الداعشية ليس سهلا، ولا يخضع للمنطق الرياضي في حساب القوى، فان ثمة مصادر للبحث يمكن ان تقربنا من الحقيقة، وتكشف لنا بعض ما بقي خافيا في صناعة الارهاب وزعاماته، وبخاصة تلك المصادر التي تعود الى اشخاص من داخل البيئة الجهادية ذات العلاقة بتنظيم القاعدة الأم، واحسب ان كتاب "فقه الدماء" لمؤلفه "أبوعبدالله المهاجر" المصري ويقع في 600 صفحة، كان، بحسب مدونات المواقع الاسلامية المتطرفة، الأساس الفقهي المعتمد، ودليل العمل والنهج بالنسبة لقائد الجماعة الارهابية التكفيرية في العراق ابو مصعب الزرقاوي وجماعته ومن سار على نهجه، ويستطيع اي قارئ متمعن في الكتاب ان يستخلص انه أحد أهم الكتب التي تفسّر المنطلقات الفقهية والتكفيرية لحركة داعش، ومعظم ما يخطر في البال من أحكامٍ اعتمدتها وتعتمدها هذه الحركة بما فيها وصفة الخلافة التي جاء بها ابو بكر البغدادي, واعلن نفسه خلالها خليفة للدولة، وفاجأ بها معسكر الاسلاميين المتطرفين قبل الساحات الاسلامية المختلفة.

ثم علينا ان نمعن النظر في الصناعة التكفيرية لشخصية الزرقاوي التي يعمل الدواعش على ترجمتها في التطبيق العملي، وقبل ذلك ان نتأمل شخصية مؤلف "فقه الدم" الذي نأى بنفسه عن ساحة القاعدة والارهاب والتكفير، فهو نفسه أحد أهم شيوخ الزرقاوي، وكان قد تلقى العلوم الشرعية في باكستان، ودرس وأكمل فيها الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، ودرَّس في معاهد القاعدة إبان إمارة طالبان في أفغانستان، وجاء في رسالة منشورة بعنوان (الزرقاوي كما عرفته) لعضو قيادة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين آنذاك ميسرة الغريب قوله "كان شيخنا الزرقاوي يُحب شيخه أبا عبدالله المهاجر، ويُجِلُّه ويثني عليه، ويَوَدُّ لو يأتي إلى العراق، وكانت قرائنُ الحال تَدُلُّ أنه لو أتى لأوكلت إليه مسؤولية القيادة".

بوجيز الكلام، لا يصح بناء منظومة حرب ضد داعش قبل اعادة بناء المنظور الى مكونات القوة، والرطانة، التي قامت عليها.

"ابو بكر البغدادي، زعيم داعش، كان عضوا في جماعة الاخوان المسلمين".

القرضاوي

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 11-11-2014     عدد القراء :  3870       عدد التعليقات : 0