الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\" سدارة \" علي بابا

أصبح اشهر كتاب في تاريخ البشرية ، لا نعرف كم مؤلفا كتب عنه،اذ بين اليوم والغد تضاف اليها دفعة جديدة من الدراسات التي تريد ان تحلل اسطورة هذه الحكايات التي سميت الف ليلة وليلة ، والتي لاتزال تباع كأنها صدرت بالأمس .

من كتبها ، كيف جمعت ؟ لماذا هي الف ليلة وليست تسعمئة ؟ اسئلة شغلت الباحثين ، فمنهم من اعتقد ان اصلها ليس عربيا ، وكان صاحب هذا الرأي حسين فوزي في كتابه (حديث السندباد القديم) ، فيما انتهت سهير القلماوي الى ان الليالي نصفها عراقي والآخر مصري ، وظل عدد هذه الحكايات الف وواحدة بالتمام والكمال ، حتى ظهر العلّامة العراقي محسن مهدي ليقول لنا عام 1984 اننا عشنا مع الف حكاية من الخيال، وان السيدة شهرزاد لم تسهر مع شهريار سوى 282 ليلة فقط لاغير ، لكن المفاجأة الأهم التي فجرها البروفيسور مهدي ، وهو يقدم نسخته المحققة من الليالي ، هي ان علي بابا ومعه الحرامية " الأربعون "، وعلاء الدين ومصباحه السحري لم يتنزهوا في شوارع بغداد .. من اين جاءوا اذن .. لقد أضافهم مستشرق فرنسي يدعى المسيو أنطوان غالان. . وربما لو لم يكتشفهما هذا الباريسي لظل علي بابا أسما لأشهر شركة مالية تجارية أسسها شاب صيني يدعى "جاك ما" اخبرنا ان علي بابا أوحى له بفكرة تأسيس شركة تبيع كل شيء عن طريق الانترنيت ، السيد جاك والذي يعد اليوم اغنى رجل في الصين ، يشكو هذه الأيام من الضغط النفسي الذى يتعرض له، حيث تضع الجماهير آمالا كبيرة على شركته . فالناس تريد ان تعيش في بحبوحة ، هكذا يخبرنا السيد جاك ، وعلى علي بابا ،الشركة، ان تسهم في إسعاد الفقراء .

الرفاهية ،لا الوهم ، هذا هو شعار الدول التي تريد ان تبقى في قائمة البلدان الأكثر تميزا ، في الاستقرار ، لا في الفوضى ، في الفرح ، لا في الاكتئاب والعويل ، ، من شاهد منكم علي بابا ورفاقه الأربعين امس وهم يتقدمون الصفوف في احتفالية تأسيس بغداد ، البعض لبس السدارة تيمنا بفيصل الاول الذي يُشتم في جلسات السمر السياسية ، واخر يعتبر نفسه حارسا على سفر الف ليلة وليلة ، لأنه جزء من تراث دولة القانون .

في زمن مضى تنافست بغداد على إقامة الجامعات وتعميم التعليم. فيما المعممون والرهبان واليهود والأفندية، تنافسوا على إشاعة روح الجمال والخير ولم يتنافسوا على القتل، والطائفية والعودة بالمدينة الى القرون الوسطى.

تنزلق بغداد اليوم، نحو عصور الظلام.. والعتمة!، والمسؤول فيها لا يسمع سوى صوته.. تنزلق نحو كهف أفلاطون الذي حذر منه صاحب الجمهورية، كهف الحقيقة فيه ليس النور بل الظلمة.

أتطلع في وجوه المسؤولين الذين يتغنون باسم بغداد ليل نهار واسترجع حلم العراقيين جميعا بجمهورية العدل والقانون والمساواة.. فأجد أننا اليوم نعيش في بلاد توشك أن تصبح اسما بلا مسمى.. بلاد في حاجة إلى إنقاذ، ولن تنقذها إلا استعادة حلم العراقيين بدولة المواطن، لا جمهورية الطوائف.

كانت الناس تحلم بأن تكون شريكة في صناعة الغد لمدنها ، لكنهم وجدوا أنفسهم بعد احد عشر ، يعيشون في ظل نظام سياسي يرى في المسؤول أباً لا يجوز الخروج عليه.. ومحاسبته نكرانا للجميل..

أتابع شريط احتفالية بغداد وأتذكر أننا جميعا عشنا حلم التغيير، لأيام وشهور بعد سقوط تمثال "القائد الضرورة "، لكن سرعان ما سرق الحلم من قبل أمراء الطوائف وصبيان السياسة ليعيدوا من جديد تشغيل ماكنة صدام التي توهمنا جميعا أنها أصيبت بالعطب.

ياعزيزي المرحوم محسن مهدي كان من المحتمل أن يبقى "علي بابا " رمزا لتراث من الخديعة وسرقة أحلام الناس ؟ لو لم يظهر عبعوب امس بسدارته البغدادية .. ياسيدي كنا نامل ان نجد مصباح علاء الدين في "أدْراج مكاتب " ساسة التغيير ، فوجدنا بدلا منه ثيابا وبدلات لأكثر من اربعين الف حرامي ، لن تستطيع شهرزاد ان تروي حكاياتهم ولا بالف الف ليلة وليلة.

  كتب بتأريخ :  الأحد 16-11-2014     عدد القراء :  4296       عدد التعليقات : 0