الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سلاما ياعراق : وعكـــــة ثقافيـــــــة

فعلا، ليس في الحياة ما هو الذّ من العافية. لكننا لا نحس طعمها إلا وقت الوجع. إنها كمطربة الحي لا نشكرها ولا نداريها ولا نستمع لها. هكذا تذكرت عافيتي وشدني اليها حنين دامع وانا في طريقي للمستشفى ممددا على "السدية" في سيارة الإسعاف ليلة السبت الفائت. المهم زال الخطر بعد يومين وظلت التوابع. وتوابع الوعكة كتوابع الزلزال تتطلب وقتا لتهدأ او قد تكون أسوأ من الزلزال ذاته.

من توابع المرض زيارات الأصدقاء وغير الأصدقاء والجيران، وكمّ طيّب من الهواتف يتفقدك. كان من بين عوّادي البارحة، صديق لم أره منذ اكثر من عشرين عاما جاء بصحبة صديق له لم اعرفه. قدّمه لي على انه صاحب مسؤولية "ثقافية"، جاء ضمن وفد الى مصر.

بلّش صاحب صاحبي بالحديث معترفا بأنه يتابع ما اكتبه وانه كان معجبا بي في أيام ظهوري على الشاشات قبل السقوط وفي أول أيامه حسب مصطلحاته. سألته: وهسّه بعدك معجب لو بطّلت؟ تردد بالإجابة او لغمطها كما يقولون. همست بأذن صديقي القديم: صاحبك طائفي مو؟ كلش.

يبدو ان المعجب بي سابقا، والممتعض مني حاليا، حدس ما همست به لصاحبه فانطلق مغردا: "بصراحة هذا مو بس رأيي بل رأي الكثير من المثقفين العراقيين لأن اغلب ما تكتبه يستهدف المالكي فقط". قاطعته مصححا: لا بل كل ما اكتبه ضده وليس أغلبه. استشهد اخونا بأحدهم انه قال، او كتب عني، باني لو كنت انتقد النجيفي وعلاوي وبارزاني لكنت "خوش زلمة". ضحكت ورددت قول ذلك الريفي في احدى المسرحيات العراقية "ضحكتني وأنا موش طويّب". وهذا شنو شغله أبو "خوش زلمة"؟ أجابني باختصار انه شاب شاعر ومثقف! أشاعر ومثقف وشاب أيضا، ويضع شروطا على كاتب .. لا بل ويعتمد "زلمة" معيارا للحكم؟

طلبت ان يناولوني حبة الدواء التي فات وقت تناولها بفعل النقاش، مع توصية بان يجلبوا لي كتاب "المثقف والسلطة" لإدوارد سعيد. فتحت له الصفحة 24 من الكتاب وقلت له أسمِعني هذه الجملة لو سمحت، فقرأ: لا توجد قواعد لدى المثقف تحدد ما يقوله وما يفعله.

ليتك تعود لهذا "المثقف" وتعطيه هذا الكتاب هدية مني مع دعائي له بالشفاء من وعكته الثقافية ويعود كما كان "خوش اوليد"

  كتب بتأريخ :  الإثنين 17-11-2014     عدد القراء :  2997       عدد التعليقات : 0