الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كان الزمنُ جميلا ً

كثيرا مانسمع إن الاغنية كذا أو قصيدة فلان من الزمن الجميل ، أو إن العلاقات كما يتحدث ابناء وبنات الزمن الجميل إنها كانت أنضج وأجمل وأكثر رقيا في زمنهم وهكذا في الكثير من الاحاديث وبعض الكتابات التي تتحدث عن زمن جميل مضى ، وهذا لايشمل العراقيين فحسب بل يقول بمثل ماقالوا المصريون والسوريون والايرانيون وغيرهم من الشعوب حتى الاوربية منها ، فما هو الزمن الجميل هذا ومتى كان ؟ يتحدث كل عن جيله فيصفه بالزمن الجميل فالبعض من بلغ به العمر عتيا يتحدث عن فترة أواخر الاربعينات وخمسينيات القرن المنصرم والاقل عمرا يتحدثون عن فترة شبابهم في الستينات والجيل الذي يليهم يتحدث عن فترة السبعينات ويتقدم البعض قليلا حتى يصل منتصف أو أواخر ثمانينات القرن المنصرم ، أي بحسبة بسيطة تكون فترة الزمن الجميل هي فترة مابعد الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية ثمانينات القرن الماضي ،فهل من المعقول أن يكون زمن الدكتاتور المقبور في العراق وزمن إقتصاد التقشف والحروب في مصر وزمن عسف الشاه في إيران وغيرهم ما يماثلهم في البلدان الاخرى زمنا جميلا ؟

في الزمن الجميل هذا إزدهرت الثقافة وتطورت الفنون ونافس الشعراء بعضهم جماليا وظهرت كتابات مازالت طراوتها وحلاوتها تلامس الروح وكتاب مازالت أسماؤهم نجوما تتلألأ ، واغانٍ وموسيقى يطيب لابناء الزمن الجميل ومن أتى بعدهم أن يعيدوا سماعها مرات ومرات ، بإختصار كان كل شيئ جميلا وحتى التذكر به جلاوة خاصة ومميزة ، فما السر وراء كل ذلك ؟

كانت شعوب العالم والثالث خصوصا لديها أكثر من خيار للتطور ، فقد كان العالم يعيش صراع القطبين ، وكان حلم بناء الاشتراكية يراود شرائح كبيرة من المجتمعات ، وكانت الرأسمالية تحسب الف حساب لخطواتها اللاحقة وتحاول الظهور بمظهر النظام المنصف ، لكن الاشتراكية أو في الاقل التحرر من قيود الرأسمالية المتعسفة حلما ممكن التحقيق كما كان العقل الجمعي للشعوب آنذاك مؤمنا بها ، لم تكن الرأسمالية قد إستفردت بعد بالعالم ورسمت الصراعات حسب مقاساتها بميزان صراع الحضارات البائس ،لم تكن بإستطاعتها إفراغ عقول الشعوب من محتوى الرغبة في رؤية الافضل ، لم تكن مسيطرة على وسائل نشر وإعلام بالكامل وتشيع من خلالها ثقافة البؤس والانحدار الاخلاقي ، لم تخلق بعد وهم الارهاب بأشكال شتى ، لم تصب الشعوب بالاحباط الفكري والثقافي ولم تكن من فسحة كبيرة لشيوع الخرافة والشعوذة ، وفي مجتمعاتنا العربية خصوصا لم يكن الاسلام السياسي خيارا بديلا للرأسمالية المتعفنة ، كان الامل أخضرا والحلم ورديا ، كان المبدع لديه فسحة التأمل الجميل فينتج إبداعا ، كانت الحياة أكثر يسرا وفي كل شيئ ، لكن ما أن إنتكست تجربة الاشتراكية حتى خبا الامل ، وبات الصراع بين قوتين ـ النظام الرأسمالي ورعب إرهاب الاسلام السياسي ـ أحلاهما علقما ، فهل يعود الزمن الجميل ؟ ... مجرد حلم .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 18-11-2014     عدد القراء :  4464       عدد التعليقات : 0