الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الظلم إن دام دمَّر!! البنك المركزي العراقي نموذجاً

لم تكن المعركة العادلة المستندة إلى الدستور العراقي وقانون البنك المركزي العراقي والتقاليد الدولية في العلاقة بين السلطات التنفيذية والبنوك المركزية التي خاضها غالبية الاقتصاديين العراقيين وغيرهم من أبناء وبنات الشعب العراقي الواعين لما كان يجري بالبلاد ضد الاستبداد الحكومي الذي مارسه رئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ضد استقلالية البنك المركزي العراقي ورغبته الجامحة في إخضاع هذه الهيئة المستقلة وبقية الهيئات المستقلة، على وفق الدستور العراقي لرغباته الجامحة في استخدام احتياطي البنك المركزي لأهدافه واستمرار بقائه في السلطة التنفيذية، سهلة وقصيرة الأمد، خاصة وأنه قد استطاع في حينها عقد مساومات رخيصة متجاوزاً على الدستور العراقي وخارقاً لقانون البنك المركزي مع رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي ومع رئيس السلطة القضائية الاتحادية مدحت المحمود!!

   ونتيجة لهذه المساومة غير الدستورية صدر قرار اعتقال السيد الدكتور سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي/ والسيد الدكتور مظهر محمد صالح، نائب المحافظ، ومجموعة من خيرة موظفي البنك المركزي. وإذ كان الدكتور سنان الشبيبي بمهمة وظيفية في اليابان وأُجبر على عدم العودة لكي لا يعتقل بمطار بغداد العاصمة ويقبع بالسجن وهو يعاني من أمراض عدة، فقد اعتقل نائب المحافظ والمجموعة المهمة في البنك وعوملوا بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين المرعية. ثم صدر حكم قرقوشي على الدكتور سنان الشبيبي بحبسه سبع سنوات بناء على رغبة وإرادة المريض نفسياً نوري المالكي وصاحبه مدحت المحمود. فهل بعد هذا، دع عنك الأمور الأخرى الفاحشة التي ارتكبت بالعراق خلال وجود نوري المالكي في السلطة، يمكن الثقة بالسلطات الثلاث بالدولة العراقية حين يجري التعامل مع عناصر مخلصة وأمينة للشعب العراقي ومصالحه وأمواله بهذه الطريقة الشرسة، ثم لا يجد القانون طريقه إلى محاسبة من تسبب بذلك من أمثال رؤساء السلطات الثلاث الذين ما زالوا يحتلون مواقع مهمة في الدولة العراقية. لا أدري كيف يمكن الثقة برئيس القضاء العراقي وهو الذي اتمر بأوامر رئيس الوزراء ووافق على حكم ضد الدكتور سنان الشبيبي، والمطلوب تغيير أوضاع العراق الراهنة!!

   لقد صدر قرار عن مجلس الوزراء العراقي يقضي بتعيين الأستاذ الدكتور مظهر محمد صالح مستشاراً لمجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وهو قرار جيد أؤيده بحرارة وهو تعبير عن محاولة سليمة لرفض محاولات تدنيس كرامة وسمعة هؤلاء الأشخاص، ولي الثقة بأن الأستاذ مظهر محمد صالح سيلعب دوراً مهماً في مجال اختصاصه، إن جرت الأمور على ما ينبغي أن تجري عليه بالبلاد.

   ولكن المسألة لا تتعلق بالأخ العزيز الدكتور صالح فحسب، بل هي مرتبطة بمجمل وضع البنك المركزي وبالأستاذ الدكتور سنان الشبيبي ومجموعة البنك المركزي التي اعتقلت والتي ينبغي رفع حكم القضاء غير العادل عن الدكتور سنتان الشبيبي وإعادته إلى موقعه في البنك المركزي أو في وظيفة أخرى مماثلة لوظيفة الدكتور صالح أولاً، وإعادة الموظفين المحالين إلى المحاكمة إلى وظائفهم وتعويض الجميع لما خسروه خلال الفترة المنصرمة، وضرورة رفض قرار رئيس الحكومة السابق بتعيين أحد أتباعه محافظاً للبنك المركزي. هذا ما أطالب به ويطالب به كل إنسان شريف بالعراق.

   و السؤال المهم هو: هل نكتفي بهذا القدر؟

   أرى بأن هذا غير كاف بأي حال، إذ لا بد من خطوات أخرى منها بشكل خاص:

   أولاً: استعادة جميع الهيئات المستقلة لاستقلاليتها عن السلطة التنفيذية وتغيير من وظف في هذه الهيئات وخضع لقرار السلطة التنفيذية، في وقت يقرر الدستور وقوانين هذه الهيئات المستقلة استقلاليتها عن السلطة التنفيذية.

   ثانياً: إبعاد هذه الهيئات المستقلة عن المحاصصة الطائفية وتعيين عراقيات وعراقيين مستقلين حقاً وغير طائفيين فيها.

   ثالثاً: احترام قوانين هذه الهيئات من جانب السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.

   رابعاً: تقديم من أخل بالدستور وتجاوز على قوانين الهيئات المستقلة ومن تسبب في التجاوز على مهمات هذه الهيئات وشوه عملها ومن تسبب في اعتقال ومحاكمة إدارة البنك المركزي إلى المحاكمة ليتلق الجميع درساً في احترام الدستور والقوانين وعدم تشويه سمعة وكرامة الناس المخلصين لهذا البلد.

   خامساً: إجراء تغيير في أجهزة الإعلام الرسمية وخاصة الذين لعبوا دوراً مخزياً في خضوعهم لإرادة المستبد الفرد ونشرهم ما يريده من تشويه للحقائق وتزوير للوقائع وتمجيد له.

   لدي القناعة التامة بأن وكلما استطعنا محاربة الجهل وتزييف وتشويه وعي الإنسان، استطعنا أيضاً الوصول إلى احترام حقوق الإنسان وممارستها والدفاع عنها، فالجهل الذي يستفيد منه المستبدون بالعراق سيسقط حين نحارب الجهل ونرفع من مستوى وعي الإنسان العراقي وإدراكه لحقوقه وواجباته في المجتمع والدولة.

   إن الظلم إذا دام دمر ولا يمكن ولا يجوز أن يدوم أو يطول، ومن يدرك هذه الحقيقة سيدرك أيضاً أهمية الإسراع بمعالجة عواقب ما حصل بالعراق منذ أكثر من خمسة عقود، ولكن أيضاً وبشكل ملموس ما حصل بالعراق وأهل العراق منذ سقوط الدكتاتورية الفاشية وإرساء قواعد نظام سياسي طائفي ومحاصصة طائفية مقيتة بالبلاد وتمييز ديني وطائفي وقومي وإرهاب وفساد ... إن كل ذلك يتسبب يومياً بموت المزيد من بنات وأبناء شعب العراق، فمتى ينتهي ليل العراق الأسود وينبلج عن صبح جميل مشرق ومشمس ومورق خضرة وبهاءً وازدهارا، وهل نحن على هذا الطريق؟ علينا أن نعمل من أجل ذلك دون تعب أو كلل أو ملل.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 19-11-2014     عدد القراء :  3876       عدد التعليقات : 0