الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الثقافة فـي المراكز الثقافية!

   يوم الجمعة المنصرم حضرتُ مع عشرات من مثقفي مدينة الحلة أمسية ألقى فيها د. جواد بشارة، القادم من باريس، محاضرة ممتعة في موضوعة تتعلق بأصل ومصير الكون، أو بالأحرى الأكوان، فالمحاضرة تحدّثت عن فرضيات علمية منطقية يجري العمل على اختبارها تحتمل وجود أكوان أخرى إلى جانب كوننا.

   من الفرضيات التي عرض لها د. بشارة أن هناك كوناً مماثلاً لكوننا لكنه معاكس، له هيئة الأشياء الموجودة فيه، أي أن فيه أناساً يشبهوننا تماماً لكن يمينهم هو يسارنا ويسارهم هو يميننا!.. هذا خبر مزعج بالطبع، فمعنى هذه النظرية ان الأشرار الذين لا نحبهم في بلادنا وكرتنا الأرضية كلها، ونرغب بالخلاص منهم ليعم الأمن والسلام والرفاه، وبخاصة السياسيين الأنانيين، توجد منهم نسخة أخرى في الكون الثاني المجاور لكوننا، وإن كانوا معاكسين في هيئاتهم لنسخهم الموجودة بيننا.

   لستُ في وارد التوسع في عرض ما تحدث عنه المحاضر، وإنما يعنيني هنا القاعة التي عُقدت فيها الأمسية.. و(قاعة الود) قاعة خاصة يديرها أحد فناني المدينة التشكيليين، هو باسم العسماوي، وهي في الأصل صالة عرض للأعمال التشكيلية محدودة الإمكانيات في شارع فرعي، ولكن لعدم وجود قاعة مناسبة يضطر مثقفو الحلة الى إقامة نشاطاتهم فيها، أو في المبنى البائس للغاية الذي يتخذه فرع اتحاد الأدباء في محافظة بابل مقراً له، وهو مقر ممنوح مؤقتاً من البلدية التي تسعى لاسترداده من الأدباء، ولا يصلح لأي شيء في الواقع.

   سألت أحد الحضور عما اذا كان يوجد أو لا يوجد في المدينة مركز ثقافي تابع لوزارة الثقافة، فكان الجواب ان المركز موجود لكنه "يُستعمل لأغراض أخرى"! .. لم أتفاجأ بالجواب الصادم، بل المفاجأة كانت ستكون لو جاء الجواب بخلاف ذلك.

   كيف لا يكون المركز الثقافي في الحلة أو البصرة أو الموصل في حال غير حاله الراهنة فيما نرى المراكز الثقافية في الخارج، وهي، كما يُفترض، بواباتنا على العالم، ليست في حال أفضل؟

   في عهد الحكومات السابقة، وبخاصة الأخيرة عُبئت المراكز الثقافية في الدول العربية والأجنبية بالمحاسيب والمناسيب الذين لا ناقة لهم ولا بعير في الثقافة ولا حتى في ظلال الثقافة، فهذا ابن أخت عضو مجلس النواب وذاك زوج ابنة الوزير، وثالث عديل الوكيل ورابع من عشيرة المدير العام .. وهكذا!

   لأن وزير الثقافة الجديد هو أول وزير لهذه الوزارة له علاقة بالثقافة منذ نحو عشر سنوات، فمطالبنا منه كثيرة، لأن الخراب الذي صنعه الوزراء السابقون، وبخاصة أخيرهم، كبير للغاية، وبين المطالب التي آمل أن يُدرجها في جدول أعماله الملحّة إعادة هيكلة وتنظيم المراكز الثقافية في المحافظات وفي الخارج لتكون مراكز ثقافية عن حق وليست بؤراً للفساد الإداري والمالي.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 01-12-2014     عدد القراء :  2955       عدد التعليقات : 0