الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
من قتل ياسين؟

عاش "ياسين" طفولة بريئة، ولما كبر دفعته الحياة الضنكة الى ان يكون من قطاع الطرق، فسرت شهرته كمتمرد وخارج عن القانون حتى ملأت الاسماع، وفقدت الحكومة صوابها ـ ان كان لها صواب ـ فبدأت تخطط للقضاء عليه. أرسلت اليه، مرة تلو أخرى، قوة من الجيش تارة ومن الشرطة تارات، لكن المحاولات كلها باءت بالفشل فى القضاء على "ياسين" وجماعته، بل ان شكيمة الجدع "ياسين" قويت وازداد خوف الحكومة منه، وزاد احتماء الناس به.

وفي آخر مرة، جهزت الحكومة قوة جبارة بقيادة الضابط "محمد صالح حرب" وتحركت نحو الهدف السهل في الحسابات العسكرية. وفي أثناء المواجهة كاد "ياسين" أن يقتل الضابط ولكن هذا كان مدربا واسرع منه، فأطلق عليه اربع رصاصات ولقي "ياسين" حتفه، فيما الضابط ترقى، وأصبح وزيرا للحربية في مصر، ومنحه السراي لقب "باشا"، وتبوأ رئاسة "جمعية الشبان المسلمين".

وصدرت جريدة "الاهرام" فى التاسع من كانون الاول عام 1905 حاملة لقرائها خبرا مزيفا وحكاية مختلقة عن "ياسين" وعن "بهية" التى وجدوها في المغارة التى كان يختبىء فيها، وادعت الجريدة ان ياسين اختطفها واغتصبها واجبرها على العيش معه، ولكن في التحقيق ثبت انها كانت تعيش معه بكامل ارادتها.

وانتشرت الاغنية/ السؤال: (يا بهية وخبريني يا بوي - عاللي كتل ياسين)، حتى اصبحت جزءا من التراث الشعبي، الغنائي والسياسي، وصارت لياسين مع صاحبته المنكوبة سيرة لا تقل شهرة وحبكة وسردا عن سيرة "حسن ونعيمة" أو "أبو زيد الهلالي".

يوم السبت 29 الشهر الماضي، أسقطت محكمة جنايات القاهرة، عن الرئيس المخلوع حسني مبارك تهمة القتل التي كانت موجهة إليه. اذ تفصح الاحصائية عن 846 قتيلا و6467 مصابا في كل محافظات مصر خلال ثورة 25 يناير 2011، فينصعق الشارع ويلتهب، ويرجع التلامذة للجد تاني، ويترك الثنائي (نجم وإمام) قبريهما، ويقفان أمام بوابة المحكمة العتيدة، ويصدحان كأنهما في اليوم التالي لنكسة حزيران، وطبعا ليس نكسة 10 حزيران الماضي، يصدحان مخاطبين الرئيس، وطبعا يقصدان رئيس المحكمة، وهو بالمناسبة من أزلام النظام السابق ايضا، يصدحان ويستذكران السيرة الشعبية اياها:

(الشعب بخير يا مرحرح

والناس كلك عارفين

مين اللى خان بهية

ومين قتل "ياسين")

وقريبا مني كان "بهلول" يستمع ويونّ، وينظر اليّ كأنه ينتظر شيئا، ولما شاهدني أضع القلم جانبا، قال محتدا:

ـ اكملها، اكمل القصيدة/الاغنية لنهايتها، فالبيت الاخير لأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام لا يقصدان به مصر فقط:

(ومين بهدل بلدنا

ومين ومين ومين)..؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 17-12-2014     عدد القراء :  3198       عدد التعليقات : 0