الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل لدينا مدعٍ عام؟

الليلة قبل الماضية حرمتني فضائية "France 24" من النوم في موعدي المعتاد، عند منتصف الليل، عندما شدّتني اليها على نحو متواصل ما يزيد عن الساعة لمتابعة التقرير الذي ألقاه على الصحفيين المدعي العام، أو النائب العام، للجمهورية الفرنسية بشأن العملية الإرهابية التي استهدفت صحيفة "شارلي إيبدو" الأربعاء الماضي وتوابعها التي تواصلت حتى الساعات الأولى من الليلة قبل الماضية.

لم يستغرق التقرير كل ذلك الوقت، لكنه طرح في داخلي سؤالاً حارقاً ظللت أبحث عن جواب له من دون جدوى.

المدعي العام الفرنسي تحدّث في تقريره عن التفاصيل وتفاصيل التفاصيل المتعلقة بالعملية الإرهابية وتوابعها.. كيف جرت، وكيف تابعتها بمراحلها الأجهزة الحكومية المختلفة، وبخاصة جهاز الادّعاء العام، وصولاً الى مقتل الإرهابيين الاثنين الأخوين كواشي في مطبعة حاولا الاختباء بها، وإرهابي ثالث قتل متسوقين واحتجز رهائن في متجر للأطعمة خطّط أيضاً لتفجيره، واعتقال أشخاص آخرين كانوا على صلة وثيقة بالإرهابيين الثلاثة والجرائم التي ارتكبوها.

لابدّ ان جهاز المدعي العام الفرنسي ظل يعمل بتمام طاقمه على مدار الساعة منذ تبلّغه بوقوع جريمة الهجوم على "شارلي إيبدو"، لكي ينجح في جمع ما تضمنه التقرير من تفاصيل وتفاصيل التفاصيل التي قدّم المدعى العام عرضاً موجزاً لها على مدى نصف ساعة تقريباً، وهو عرض تضمن أيضاً انتقاداً موجهاً الى وسائل الإعلام لاستعجالها في نشر اسم أحد الأخوين الإرهابيين، باعتبار ان عدم النشر كان سيسمح باستمرار الاتصالات التلفونية بين الإرهابيين الاثنين وأشخاص على صلة بهما، وبالتالي الكشف عن خلية إرهابية نائمة كبيرة.

السؤال الحارق الذي سهّدني بعد انتهاء المؤتمر الصحفي للمدعي العام الفرنسي كان: هل يوجد مدع عام لجمهوريتنا على غرار المدعي العام للجمهورية الفرنسية؟

على مدى أكثر من عشر سنوات وأكثر كانت بلادنا تشهد يومياً تقريباً عمليات إرهابية في مستوى جريمة باريس، بل أكبر وأشنع منها في الغالب، فلماذا لم نسمع شيئاً من مدعينا العام ولم نره في مؤتمر صحفي يلقي تقريراً عن تحقيقات جهازه في شأن تفجيرات الأحد الدامي أو الاثنين الأسود أو الثلاثاء الحزين أو الأربعاء الشنيع أو الخميس الأحمر أو الجمعة الرهيبة أو السبت الكارثي، على كثرة أيام الاسبوع الدامية والسوداء والرهيبة والشنيعة والحمراء والحزينة والكارثية التي شهدناها منذ 2003 حتى الآن؟

السؤال مرة أخرى: هل لدينا مدع عام؟ .. أين يوجد؟ وماذا يفعل إذا كان لا يحقّق في الجرائم الإرهابية ويقدّم لنا التفاصيل وتفاصيل التفاصيل المتعلقة بها في مؤتمرات صحفية كما يفعل المدعون العامون في فرنسا وسواها من دول العالم؟

هل من أحد لديه الجواب؟

  كتب بتأريخ :  الأحد 11-01-2015     عدد القراء :  2811       عدد التعليقات : 0