الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تجميل الجريمة..

   جريمة باريس، فتحت باب التعليقات لمن سكت دهرا ونطق كفرا، اولئك الذين احجموا عن إدانة مشروع داعش الظلامي الدموي، أو كانوا قد راهنوا عليه في بداية غزوة الموصل، ثم انكفأوا عنه الى السكوت، أو لايزالون ينظرون اليه، من دون الاعلان عن رأيهم، بوصفه "ثورة" عفوية مظفرة، فظهروا، فجأة، من بالوعات النسيان الخلفية، ليقولوا، ما قاله الاسكندر لكهانه ان الشمس تشرق من الغرب حتى وإن اشرقت من الجهة المقابلة، ووجيز ما قالوه، ان مذبحة "شارلي ايبدو" على يد خلية داعش في باريس لها ما يبررها في مسبوق التعدي الذي قامت به الصحيفة على مشاعر المسلمين بالاساءة الى نبيهم في كاريكاتيرات ساخرة.

   وغير هذا التبرير السفيه، هناك ما لاحصر له من عبارات التشفي التي سوّقت في عواصم الشرق الاوسط، بعضها عن نوع من الحميّة السياسية ضيقة الافق، او عن سذاجة واختلال في الرؤيا من دون مناقشة السؤال التفصيلي عمن اعطى للصبيين "كوّاشي" المهوسين بـ"الجهاد" الاجرامي الامر والافتاء بالإقدام على مجزرة راح ضحيتها اثني عشر صحفيا ومواطنا، بينهم شرطي مسلم، وثمة من نفخ فيه، وثمة من استخدمه ورقة عداء لفرنسا، كما ذهب زعيم حزب الله حسن نصرالله.

   ولا يقلل من الشبهة في محاولة تجميل الجريمة ما نتابعه من تعليقات في الصحافة الغربية لكتاب ومراسلين تربط ما بين الجريمة وبضعة رسوم مضحكة تعود لشهور وسنوات، فيما بعض تلك التعليقات تدس الاهانات لأتباع الديانة الاسلامية لتقول انهم لا يتورعون عن تنظيم حفلات القتل الجماعي ردا على رسوم صحافية لم يطلعوا عليها، ولم يسمعوا الى وجهات نظر اصحابها.

   حسنا، لنأخذ بالذريعة السوقية القائلة بان الاخوين المسلمين، بطلي المذبحة، اخذتهما الغيرة الجياشة على المقدسات الاسلامية فقاما بقتل هذا العدد من العاملين بالصحيفة، لكن اي نوع من الغيرة دفعت بهما لتجنيد مقاتلين وانتحاريين لكي يفجروا ليتولوا في سيارات النقل ومنازل السكان الآمنين والمساجد وسبي وبيع وقهر وقتل النساء والاطفال والاعدامات بالجملة، ومَن مِن الضحايا العراقيين رسم كاريكاتيرا مهينا للاسلام او شتم نبي المسلمين؟ بل ان ثمة الكثير من الضحايا يتبعون رسول الله ولا يقبلون المساس باسمه ودينه.

   البعض ممن يجمّلون الجريمة يقولون ان ضحايا رصاصات كوّاشي في باريس كفاراً، وأن قتلى العراق على يد كواشي، شهداء.. وكأنهم يقولون ان كواشي في المرة الاولى سيدخل الجنة، خالدا فيها.. وفي المرة الثانية الى جهنم وبئس المصير.4

   "ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ...

   يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا"

                                 المتنبي

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 13-01-2015     عدد القراء :  3864       عدد التعليقات : 0