الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حكومات وبرلمانات ديمقراطية..تنهب شعبها!
بقلم : أ.د. قاسم حسين صالح
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

   المبدأ الأساس الذي يقوم عليه النظام الديمقراطي هو (العدالة الاجتماعية).... التي كانت اهم اسباب قيام الثورات ضد الأنظمة الشمولية في العالم العربي، لانها احتكرت الثروة لقيادات الحزب الحاكم واصاب السلطة بالفساد المالي والاداري والسياسي.

   ان كل الأنظمة الديمقراطية في العالم، حققت العدالة الاجتماعية بهذا القدر و ذاك..  الا في العراق فان حكومات النظام الديمقراطي وبرلماناته نهبت ثروة الوطن بفساد  خفي ومشرعن ما حصل له في تاريخ العراق والمنطقة والعالم مثيلا له،  فيما كشفه النائبان البرلمانيان مهدي الحافظ وماجدة التميمي ورابطة الشفافية العراقية ما يجعل المواطن يصفع جبهته!

   لقد ذهلنا ان يكون عدد موظفي المنطقة الخضراء (28) الف موظفا يتقاضون ،عدا الرواتب،(574) مليار دينارا.... مخصصات خطورة..... مع انهم محصّنون بالكونكريت والحمايات،وان الذي يستحقها هو المواطن العادي الذي يمشي الموت البشع معه في الشارع. وذهلنا ان لدينا برلمان يتمتع بامتيازات خيالية لا يتمتع بنصفها اي برلمان في العالم..بينها ان عدد الحمايات لأعضاء البرلمان يبلغ (14800)منتسبا يتقاضون (156) مليار دينارا ،ولديه (550) سيارة يصرف على تكاليف تشغيلها ملياري دينارا سنويا.

   وذهلنا ايضا ان تكون مخصصات رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء.... بالترليونات ،والترليوين الواحد.....ضع أمامه 12 صفرا!.وان يكون هنالك (824) مشروعا وهميا في محافظة واحدة فقط هي البصرة!، وما يصرف على ايفادات (ترفيهية) بالمليارات ايضا....  لدرجة ان هنالك مسؤولين يقضون (25) يوما في الشهر خارج العراق في فندق خمس نجوم مدفوعة نفقات طعامه وشرابه وفوقها (600) دولارا في اليوم. وذهلنا ايضا ان مجلس الوزراء صرف في عام واحد اربعه ترليون دينارا(ضع امامها 12 صفرا!) لا يعرف احد كيف صرفت بحسب تصريح اللجنة المالية في البرلمان. ... وان الحملات الانتخابية الكبيرة انفقت من المال العام.

   وقبلها كنا نعرف ان هنالك مسؤلين كبار اختلسوا وسرقوا ملايين الدولارات ،لكننا ما كنا ندري ان بين هؤلاء اللصوص ثلاثة وزراء وتسعة مدراء عامين و779 من افراد عائلات واقارب مسؤولين في الحكومة والبرلمان نهبوا عشرين مليار دولارا.... لو استرجعت منهم لتعافت ميزانية 2015 .

   بذخ، ترف سفيه، اسراف..اي المفردات في اللغة تنطبق على الحكومات والبرلمانات الديمقرطية.... وفوقها انها تريد سداد العجز في الميزانية من المواطن مع ان مستوى الفقر ارتفع الان في العراق من 18% الى 30%.

   ارقام لا يستوعبها عقل ولا يهضمها منطق،  فأقل مسؤول في الرئاسات الثلاث يمتلك (350) حارسا، ورئيس حزب سياسي يمتلك وحده (1200) حارسا ،وأحد المسؤولين لديه (200) سيارة.... وارقام اخرى توصلك الى حقيقة ان العراق كان في العشر سنوات الماضيات منهوبا من حكوماته وبرلماناته الديمقراطية!

   ان للجشع  حدود ،وللاستهتار بالمال العام حدود، وللنهب حدود..لكنها في العراق صارت مطلقة في سباق بلا خطوط نهاية.والمصيبة ان بينهم من هو معمم وآخر بلحية كثة وثالث بجبهة مكوية من اثر السجود!

   ان ما حصل ناجم عن جملة اسباب نشير هنا الى اهم سببين

   الأول، ان الحاكم يخاف من مصدرين:  الشعب وقوة خارجية.وما حصل ان الشعب جرّب حظه في تظاهرات (2011 ) بساحة التحرير، فاغلقوا جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء بالدبابات، واشرف على قمعها احد ازلام السلطة من فوق سطح العمارة التي تطل على الساحة، وان اكبر قوة خارجية هي جيرانهم وتحميهم وبهذا أمن الحاكم فأساء التصرف.... وهذا يفضي بحتمية سيكولوجية الى ان يكون الحاكم انانيا جشعا حريصا بعصابية على حياة رفاهية

   يغرم بها وتجعله غليظ القلب جامد الضمير.

   (بالمناسبة ،في عام 2011 هتف المتظاهرون:"نواب الشعب كلهم حرامية" ومع ذلك كان عام 2014 هو العام الأكثر فسادا!  بحسب تصريح فالح الساري عضو اللجنة المالية في البرلمان!  مع ان منظمة الشفافية الدولية كانت قد وضعت العراق عام 2013 في اسفل سلّم الدول الفاسدة على مستوى العالم).

   والثاني: ان احزاب السلطة القابضة على الحكومة رفضت جعل العراق دائرة انتخابية واحدة واعتمدت تقسيمه الى دوائر لتضمن بقاءها في السلطة بعد ان نجحت في العزف على وتر الطائفية،  فشحنت الشيعي وجعلته ينتخب المرشح الشيعي الأكثر تعصبا لطائفته،   وشحنت السنّي ودفعته الى ان ينتخب المرشح السني الأكثر تعصبا لطائفته، وكان من نتيجتها ان 70% من اعضاء البرلمان الحالي لا يحملون الشهادة الجامعية الأولية. ما يعني ان جماهير الشيعة وجماهير السنة ستبقى على هذا القرار ولن تنتخب للبرلمان مرشحا بروفيسورا حتى لو كان حاصلا على جائزة نوبل في الاقتصاد السياسي!

   المشكلة الآن ان السيد العبادي لا يستطيع وحده ان يفعل شيئا ما لم تكن المنظومة السياسية الممثلة بمجلس الوزراء متعاونة معه،  وانه لن يستطيع اجتثات الفساد والمفسدين،  ليس فقط لأولويات امنية في مقدمتها القضاء على داعش، بل ولأن الفاسدين صاروا اصحاب نفوذ وقوة تخيف حتى المدعي العام الذي يمثل ضمير الشعب.  والسبيل الوحيد للقضاء على الفساد وترصين العملية السياسية في العراق هو ان ينشط المفكرون والمثقفون والاعلاميون ومنظمات  المجتمع المدني والمواقع الالكترونية العراقية ووسائل الاتصال الجماهيري عبر النت في فضح الفاسدين وتوعية جماهير غفيرة بأنها فضلت احدى الراحتين، اعني الياس، حيث الموت هو الراحة الاولى. وبدونه فان رجالات البرلمان والحكومة الحالية ومن سيأتي بعدها سيطبقون مقولة ( انّا وجدناهم هكذا ونحن على خطاهم سائرون) سوف تحار موسوعة جينس للارقام القياسية اي رقم ستعطيهم في الفساد والبذخ المفرط على حساب فواجع شعبهم.

    مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

  كتب بتأريخ :  الخميس 22-01-2015     عدد القراء :  2574       عدد التعليقات : 0