الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مبادرة فـي مستوى المعجزة

   الحلّيون وسواهم من سكان محافظة بابل، ومعهم بعض من أبناء المحافظات الأخرى، محتفلون هذه الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي بافتتاح مدرسة ثانوية للبنات جديدة في مدينة الحلّة.. مدرسة لا تشبه نظيراتها في المحافظة.. جديدة ونظيفة ومجهزة بأحدث العُدد واللوازم والأجهزة الإلكترونية.. ولكن ليس لهذه الأسباب وحدها الحليّون وغيرهم محتفلون على هذا النحو.

   الاحتفال الحلّي منعقد بوجه خاص على كون هذه المدرسة النموذجية التي كلّفت نحو مليون ونصف المليون دولار أميركي مُقدّمة من طبيبة حلّية مهاجرة أو مغتربة أو منفيّة، هي الدكتورة مديحة عبود البيرماني. هذه السيدة أرادت أن تكافئ مدينتها التي تعلمت في مدارسها وهيأتها لتدرس الطب في الكلية الطبية بجامعة بغداد في ستينات القرن الماضي، فبنت هذه المدرسة التي افتتحت رسمياً في الخامس عشر من الشهر الجاري بحضورها شخصياً.

   والاحتفال الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي انضمّ اليه عراقيون من المحافظات الأخرى ومن بلدان المنافي والمهاجر، هو مكافأة معنوية من محبين لوطنهم لهذه الطبيبة عن إنسانيتها ووطنيتها المتجسدتين في إنشاء المدرسة، فالمبادرة نادرة، أو لا نظير لها تقريباً، وتبدو في مستوى المعجزة في هذا العهد بالذات.

   كل الذين علّقوا على ما نُشر في مواقع التواصل الاجتماعي أثنوا على الطبيبة البيرماني وعلى مبادرتها، لكن أغلبية ساحقة منهم (أكثر من ثمانين بالمئة) وجدوها مناسبة للمقارنة بين هذه المواطنة المغتربة وبين رجال الأعمال الذين ربحوا عشرات ومئات ملايين الدولارات خلال السنوات العشر الماضية، وكبار المسؤولين في الدولة الذين يتقاضون رواتب ومخصصات عالية ويتمتعون بامتيازات كبيرة، وأثرى عدد غير قليل منهم على نحو مدهش، لكنهم لم يفعلوا ما فعلته هذه السيدة.

   أحد المعلقين كتب: " هاي شريفة بنت حلال، والحرامية بس يقصون الشريط ويسرقون ويضحكون قدام الكاميرا، وقبل كم يوم واحد منهم انسجن سنتين وان شاء الله جاي للي يقصون الشريط".

   آخر علّق: "أحسن من الحرامية بحكومتنا".

   وثالث كتب: "كم لدينا من أغنياء عراقيين وكفاءات متمكنين مادياً في الداخل أو الخارج لم يقدّموا شيئا لهذا البلد المظلوم، فالعراق بحاجة الى تكاتف الجميع لبنائه وتنميته اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً" .

   وعلّق رابع :"هذه عراقية أصيلة، الله يكثر من أمثالها ويبارك بيها، مو مثل المسؤولين سراق البلد رجعوه خمسين سنة للوراء".

   وخامس كتب "ما يسووهه سياسيو العراق أشو بالعكس يحوّلون فلوسهم للخارج".

   هذه التعليقات تعكس موقف الأغلبية من الناس حيال الطبقة السياسية المتنفذة في الحكم ورجال الأعمال الفاسدين والمفسدين المتحالفين مع عناصر متنفذة في هذه الطبقة.

   الطبيبة الحلّية المهاجرة تنتزع محبة الناس بمدرستها، والفاسدون والمفسدون يكسبون الى جانب الأموال كراهية الناس واحتقارهم لهم.

   هنيئاً للجميع بما كسبوا.

  كتب بتأريخ :  السبت 24-01-2015     عدد القراء :  2784       عدد التعليقات : 0