الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
عيد الحب على منبر الجمعة!

لم أعرف من قبل، لم أسمع ولم أر ولم أقرأ، أن ديناً من الأديان الحيّة أو البائدة قد حرّم الحبّ أو نهى عنه أو لم يحبّذه. العكس هو الصحيح فالأديان كلها تحضّ على الحب وتأمر بالسلام والوئام والمودة والتراحم والتعاون والتعاضد، وهذه كلها لن تكون من دون الحب، بل هي جميعاً تعني الحب.

من يعرف غير هذا، ومن سمع أو رأى أو قرأ أن ثمة ديناً يدعو إلى الكراهية والمُقت والبغضاء والعداوة والحرب ليحيلنا إلى مصادره ومراجعه.. فمن أين جاء هؤلاء الشيوخ والمسؤولون الحكوميون ببدعة تحريم الحب ومنع الاحتفاء به في يومه وحظر إشاعة تقاليد الحب التي فيها هداية للناس إلى طريق السلام والوئام والتراحم والتعاون؟

مجلس محافظة النجف يوجّه الشرطة بمتابعة "الظواهر السلبية" (!) التي تبرز في عيد الحب (فالانتاين داي)، معتبراً أن الاحتفال بهذا العيد "إساءة" لسمعة المحافظة!.. أمر عجيب.. صار بيع وتقديم الزهور والدمى الحمراء والشوكولاتة من الظواهر السلبية وفيها إساءة للمحافظة!.. مثل هذا الكلام المجافي للحقيقة كان أولى أن نسمعه في حق تعاطي المخدرات والمتاجرة بها أو في حق الدعارة وسواهما من الظواهر الاجتماعية السلبية التي لا تخلو منها أي مدينة أو محافظة في البلاد بما فيها النجف.

بعض رجال الدين استغل منبر الجمعة ليحرّض على عيد الحب والمحتفلين به، بدلاً من أن يحضّ على التصدي للخطر المصيري الذي تواجهه البلاد على أيدي داعش، وعوضاً عن أن ينصح بالإقلاع عن المخدرات والدعارة والسرقة والكذب والتجاوز على الحقوق والحريات والأملاك العامة والخاصة.

هذا البعض لم يجد عيباً في عيد الحب ليطعن فيه غير انه ليس من العادات والتقاليد الإسلامية، وهل تطبير الرؤوس والزحف على البطون والمؤخرات من العادات والتقاليد الإسلامية؟ .. هل لبس السروال وربطة العنق من التقاليد الإسلامية؟

هذا البعض من رجال الدين لا يرغب في الاحتفال بيوم الحب بزعم انه تقليد غربي، لكنه لم يتنبه إلى أن المايكروفون الذي ألقى عبره خطبة الجمعة هو صناعة غربية، صمّمه وأنتجه وطوّره في المصنع أناس من ديانات مختلفة ومن عقائد مختلفة، بعضها لا ديني، يحتفلون بعيد الحب وبأعياد الميلاد ورأس السنة وسواها مما يدخل في عداد التقاليد والعادات الغربية التي صارت عالمية في عصر العولمة والثورة التكنولوجية.

هذا البعض من رجال الدين الحامل والمتحامل على الحب والمحبين لم يتنبه أيضاً الى ان الكهرباء التي مكّنت المايكروفون من أن ينطق وينقل صوت رجل الدين إلى سامعيه هي الأخرى اختراع غربي، وان السيارة التي انتقل بها من البيت الى المسجد ليلقي خطبته المحرّضة على عيد الحب والمحتفلين به هي اختراع غربي وصناعة غربية كذلك، والمنبر الذي ألقى من فوقه خطبته ربما صُنِع في الغرب أو جاء خشبه ومساميره وصبغه من الغرب!

اتركوا الناس يُحبون ويتحابّون، وتنبّهوا إلى من باسم الدين يقتل الناس تفجيراً وحرقاً بالنار، ويظلم ويصادر الحقوق، ويتجاوز على المال العام والخاص.. هذا أنفع للناس وللدين الذي ينطق باسمه خطباء الجمعة، وتُظهر الغيرة عليه هيئات حكومية كمجلس محافظة النجف.

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-02-2015     عدد القراء :  3024       عدد التعليقات : 0