الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أضعف الإيمان مع تركيا

عرض تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) الاسبوع الماضي برنامجاً وثائقياً تقصّى فيه الكيفية التي التحقت بها ثلاث فتيات بريطانيات، من أصول آسيوية، بتنظيم داعش، متتبعاً رحلتهن من بلادهن الى سوريا.

طريق الدواعش، رجالاً ونساءً، الى سوريا ثم العراق تمرّ بتركيا دائماً.. هذا ما نعرفه وما قدّم دليلاً جديداً عليه، بالصوت والصورة، البرنامج التلفزيوني الذي أظهر لنا كم هي سهلة على الدواعش أن ينتقلوا من تركيا الى سوريا بالسهولة نفسها التي يدخلون بها الى مطارات تركيا ويقيمون في فنادقها ونُزُلها، فمن مدن وبلدات قرب الحدود مع سوريا ينتقل الدواعش بسيارات الى الحدود من دون صعوبة تُذكر، ثم من دون صعوبة تُذكر أيضاً يعبرون الحدود ويلتحقون بوجهتهم (دولة داعش) التي لم تشهد (حدودها) مع تركيا أي توتر!!

أُعيدُ ما كتبته منذ فترة غير بعيدة بشأن ما اعتدت عليه من العبور من تركيا الى كردستان العراق في التسعينيات من القرن الماضي وقبيل سقوط نظام صدام في 2003، قادماً من لندن في مهمات صحفية.. أتذكر ان جزءاً معتبراً من الطريق الطويلة المؤدية من ديار بكر الى نقطة الحدود، إبراهيم الخليل، يمر بمحاذاة الحدود التركية السورية.. الحدود نفسها مسوّرة بأسلاك شائكة مكهربة وبصفّ طويل من أبراج المراقبة.. حتى الحيوانات الصغيرة وأكياس النايلون الفارغة ما كان بإمكانها عبور الحدود لأنها تعلق بسياج الأسلاك الشائكة أو أن تكون تحت مرمى بنادق الحراس الأتراك.. كانت تركيا، ولم تزل، تتبع هذا النظام الصارم للحؤول دون انتقال مقاتلي حزب العمال الكردستاني عبر الحدود.

عشرات آلاف الدواعش اجتازوا الحدود من تركيا الى سوريا ثم العراق في السنوات الأربع الماضية.. من المستحيل أن يكون ألف شخص من هؤلاء قد عبر من دون معرفة جهازي الاستخبارات وحرس الحدود التركيين، ومن المستحيل أن يكون هذا العدد الهائل من الدواعش قد مرّ من دون ضوء أخضر من الحكومة التركية، وبالذات رجب طيب أردوغان يوم كان رئيساً للوزراء ثم وهو رئيس للجمهورية الآن.

تركيا الأردوغانية ضالعة على نحو مباشر ومع سبق الإصرار والترصد في حرب داعش ضدنا.. القانون الدولي يمنحنا الحق في الدفاع عن أنفسنا.. تركيا لها مصالح إقتصادية هائلة معنا.. نستورد منها اللبن والجبن والزيت وعصير السمسم والعلكة والصابون والفواكه والمربيات والأثاث المنزلي والمكتبي والأدوات الكهربائية واللحوم والملابس الخارجية والداخلية.. في الواقع لا شيء تنتجه تركيا لا نستورده وندفع مليارات الدولارات سنوياً في مقابله. وزيادة على هذا نُصدّر اليها وعبرها نفطنا، وهي تستوفي منّا مئات ملايين الدولارات عن خدمة المرور.

القانون الدولي يبيح لنا الدفاع عن أنفسنا ضد تركيا المتوّرطة في الحرب ضدنا.. الدفاع عن النفس لا يكون حربياً فقط .. يمكننا، بل يتوجب علينا، أن نردّ على تركيا بمقاطعتها اقتصادياً .. لا نستورد منها ولا نصدّر اليها.

أضعف الإيمان أن نهدّد تركيا باننا يمكن أن نُشهر في وجهها سلاح المقاطعة ما دامت تفتح حدودها أمام من يقتلوننا ويدمّرون حياتنا من الدواعش.

  كتب بتأريخ :  الأحد 01-03-2015     عدد القراء :  2952       عدد التعليقات : 0