الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الإعلام كالماء لا يُمكن حبسه

من الميراث السيئ للحكومة السابقة الذي رغبنا في أن تصفّيه الحكومة الحالية في وقت قياسي، هو التعسف في حق الإعلام والتجاوز على حريته المكفولة دستورياً وبموجب عدد من الشرائع الدولية الملزمة للدولة العراقية.

مما عزّز الأمل في أن تتعامل الحكومة الجديدة مع الإعلام على نحو مختلف ان رئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي أعلن في أيامه الأولى انه يناهض الرقابة على الإعلام ويؤمن في المقابل بالرقابة الذاتية له.

الإعلام الحر واحد من الشروط الأساسية والدعائم المتينة للنظام الديمقراطي، فلا يمكن التحول الى الديمقراطية مع إعلام موجّه أو مسيطر عليه أو مقموع.

الحكومة السابقة أنشأت سجلاً كبيراً في سعيها لتوجيه الإعلام والسيطرة عليه وقمعه أيضاً. ذلك شمل مهاجمة مقرات وسائل إعلام وإغلاقها خارج القانون وإساءة معاملة الإعلاميين، بما في ذلك اعتقالهم تعسفياً وضربهم علناً لمنعهم من تغطية التظاهرات الشعبية السلمية وسواها من النشاطات الناقدة لسياسات الحكومة، أو التي لم تكن فيها مظاهر للتعبير عن الولاء لتلك الحكومة، فضلاً عن ملاحقتهم قضائياً استناداً الى قوانين شرّعها نظام صدام حسين!

تلك الإجراءات لم تقتصر على وسائل الإعلام المحلية، بل شملت مؤسسات عربية ودولية كقناة العربية وخدمة هيئة الاذاعة البريطانية (BBC) العربية. البعض من هذه الاجراءات ساري المفعول حتى اليوم بالرغم من ان الحكومة الحالية قد أجرت تعديلات واضحة على سياستها تجاه الإعلام.

موقع "العربية نت" وثيق الصلة بقناة “العربية” ومجموعة MBC الاعلامية، على سبيل المثال، لم يزل محجوباً منذ عهد الحكومة السابقة، ولا يمكن فتحه الا بالتحايل على الإجراء الحكومي بالاستعانة ببرامج ومتصفحات مناهضة لإجراءات حظر المواقع الالكترونية. هذا الحظر ليس له أي معنى لأنه من دون أية قيمة بفضل هذه البرامج والمتصفحات. كما ان "العربية" بقناتيها موجودة في الكثير من البيوت العراقية، وتأثير التلفزيون أقوى من تأثير الموقع الإلكتروني، اذا كان وراء حجب "العربية نت" الخوف من دعاية مضادة.

المفارقة الأخرى ان موقع "الجزيرة نت" الوثيق الصلة بقناة “الجزيرة” لا يتعرض للإجراء الحكومي نفسه، مع ان النظرة الحكومية للجزيرة ترى انها قناة غير محايدة، بل يجد فيها البعض انحيازاً لداعش، وقبله التنظيم الأم، القاعدة.

انها لنظرة قاصرة جداً أن يجري التعامل مع الإعلام والتضييق عليه والسعي لمنعه بعقلية نظام صدام.. الإعلام مثل سيل الماء لابدّ أن يجد لنفسه مسرباً أو أكثر يندفع من خلاله ويتسلل الى حيث يريد.

الردّ على الإعلام المخالف أو المعادي انما يكون من جنسه.. الشفافية أولاً والإعلام المهني ثانياً، وكلاهما لدينا مشكلة معه.. الشفافية في عمل دولتنا مفتقدة، والإعلام الوطني المهني نادر ومحدود.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 11-03-2015     عدد القراء :  2598       عدد التعليقات : 0