الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أضواء على انتفاضة آذار المجيدة (2-2)

أما في المنطقة الجنوبية فكانت المعارك الشرسة تدور رحاها بين القوات الصدامية وقوات الانتفاضة في داخل مدن كربلاء والنجف والديوانية و السماوة ، واستبسلت قوات الانتفاضة، المدافعة عن المدن المذكورة ، رغم التفوق الكبير لقوات الحرس الجمهوري الصدامية ، في الأسلحة والمعدات والخبرة العسكرية ، وقد ذهب ضحية تلك المعارك في النجف الأشرف وحدها أكثر من 15 ألف مواطن ، وتم اعتقال المرجع الأعلى للطائفة الشيعية السيد أبو القاسم الخوئي وجرى نقله إلى بغداد. وفي الوقت نفسه كانت المعارك الشرسة تجري داخل مدينة البصرة بمختلف أنواع الأسلحة، مما أوقع الخسائر الجسيمة في صفوف المدنيين.

5 ـ وفي يوم الخميس 21 آذار، اقتحمت قوات الحرس الجمهوري الصدامية مدينة الناصرية رغم البسالة المنقطعة النظير لقوات الانتفاضة، بسبب تفوق القوات المهاجمة في الأسلحة والمعدات.

وفي مدينة علي الغربي استطاعت قوات الانتفاضة السيطرة على مقر اللواء التاسع, من الفيلق الثالث وقد استسلم ما يزيد على 250 ضابطاً وجندياً بكامل أسلحتهم, وغنمت قوات الانتفاضة حوالي 500 بندقية آلية, و30 مصفحة وسيارة عسكرية .

6 ـ وفي يوم الجمعة, 22 آذار, شنت قوات الانتفاضة هجوماً على منطقة زين القوس وتمكنت من قتل آمر الفوج, واستسلم أكثر من 100 ضابط وجندي لقوات الانتفاضة, واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات.

7ـ وفي يوم الاثنين 23 آذار, جرت معارك عنيفة, في منطقة فايدة شمال الموصل, على طريق دهوك وأوقعت قوات الانتفاضة خسائر جسيمة في صفوف القوات الصدامية, وتم إسقاط طائرة سمتيه, واحتلت قوات الانتفاضة المزيد من الأراضي باتجاه مدينة الموصل.

8 ـ وفي يوم الاثنين 25 آذار، قامت طائرتان حربيتان, وأربع طائرات سمتيه, بقصف مدينة كركوك في الساعة التاسعة والربع صباحاً، ثم عادت الطائرات وقصفت المدينة مرة أخرى، في الساعة الواحدة والنصف ظهراً، مما أوقع الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين.

كما دار قتال عنيف حول مدينتي خانقين وجلولاء,حيث استهدفت القوات الصدامية احتلالهما والتقدم منهما نحو كركوك.

9 ـ وفي يوم الثلاثاء 26 آذار هبطت طائرة سمتيه,حاملة كميات من الأسلحة الكيمياوية, وعلى متنها 4 ضباط, من سلاح الجو العراقي, في إحدى المناطق الحدودية الإيرانية, وطلبوا اللجوء السياسي في إيران, رافضين استخدام الأسلحة الكيمياوية ضد الشعب العراقي.

وفي الجنوب استطاعت قوات الحرس الجمهوري الصدامية دخول مدينة كربلاء, واستعادت السيطرة عليها, بعد أسبوعين من المعارك الدامية أبدى فيها أبطال الانتفاضة بطولة نادرة, وقد اتهمت قوات الانتفاضة,قوات مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة والمتواجدة في العراق, بالمشاركة إلى جانب القوات الصدامية في الهجوم على المدينة.

10 ـ وفي يوم الأربعاء, 27 آذار,كانت القوات الصدامية قد استعادت مناطق واسعة من الجنوب, وخاصة مراكز مدن البصرة والعمارة والناصرية, وعقد السيد محمد باقر الحكيم مؤتمراً صحفياً في طهران, أعترف فيه بانحسار الانتفاضة في المناطق الجنوبية والوسطى من العراق, واتهم القوات الصدامية بتدمير المدن المقدسة, وقتل الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ.

وهكذا تمكنت السلطة الصدامية من إعادة سيطرتها على مناطق الجنوب, والفرات الأوسط, وبدأت بدفع قواتها نحو منطقة كردستان.

11 ـ ففي يوم الخميس 28 آذار، بدأت تلك القوات هجوماً واسع النطاق على مدينة كركوك واستخدم النظام الصدامي في هجومه على المدينة 6 فرق عسكرية مجهزة بكل الأسلحة الثقيلة، من الدبابات والمدفعية والصواريخ، وبإسناد الطائرات الحربية والسمتيات,وقد أدى القصف العشوائي الشديد إلى وقوع الخسائر الجسيمة في صفوف المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، واستطاعت قوات الحرس الجمهوري، بعد معارك شرسة دخول المدينة.

كما استطاعت السيطرة على طوز خورماتو و داقوق وعدد كبير من القرى المحيطة بكركوك,حيث قامت القوات الصدامية بتدمير جميع القرى المحيطة بمدينة كركوك, واضطر اكثر من 100 ألف من السكان إلى التوجه إلى أربيل و السليمانية , هرباً من بطش القوات الصدامية، فيما وقع أعداد كبيرة منهم بأيدي تلك القوات, وجرت تصفيتهم جسدياً بصورة جماعية.

وقد وجه الزعيمان الكرديان مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني, و جلال الطالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني, نداءً إلى الرئيس الأمريكي بوش طالبين منه حماية الشعب الكردي من هجوم القوات الصدامية.

12 ـ وفي يوم الجمعة 29 آذار, قامت القوات الصدامية بقصف مدينة جمجمال بالقنابل الفسفورية والنابالم، موقعة الخسائر الجسيمة في صفوف سكانها، ثم قامت قوات الحرس الجمهوري بمهاجمتها واحتلالها, والتقدم نحو مدينتي السليمانية و أربيل مستخدمة كل ما تملكه من أنواع الأسلحة والمعدات الثقيلة والطائرات, مما أدى إلى حدوث هجرة جماعية كبرى للشعب الكردي نحو الحدود التركية والإيرانية, هرباً من بطش القوات الصدامية وأسلحتها الكيمياوية التي كان قد أستخدمها في حلبجة من قبل, وذهب ضحيتها اكثر من 5000 مواطن خلال بضع دقائق، وقدر عدد النازحين بأكثر من مليوني مواطن.

كان وضع الأكراد مأساوياً بكل معنى الكلمة, نيران القوات الصدامية من جهة, وقسوة المناخ, والبرد الشديد، والثلوج من جهة أخرى, مما سبب وفاة أعداد كبيرة من النازحين.

ومما زاد الطين بلة، إقدام الحكومة التركية على إغلاق حدودها بوجه النازحين, مما جعلهم عرضة للتصفية من قبل الطائرات العراقية التي كانت تلاحقهم, وقوات الحرس الجمهوري الزاحفة، وسارعت الولايات المتحدة, و حليفتها بريطانيا إلى فرض الحماية على المنطقة الكردية الواقعة شمال خط العرض 32, فيما سمي بعملية }بروفايد كومفورت{ ومنعت القوات العراقية من تجاوز هذا الخط, كما منعت الطائرات من التحليق فوق هذه المنطقة, وبذلك أخذ النازحون الأكراد يعودون إلى مناطق سكناهم, تحت حماية الطائرات الأمريكية.

وهكذا أسقط في يد صدام حسين, واضطر للرضوخ للأمر الواقع وسحب قواته من المنطقة, كما أقدم على سحب أجهزته الأمنية والإدارية, والمدرسين وأساتذة الجامعة من كردستان, وقطع الطاقة الكهربائية عن مدينة دهوك .

وهكذا أصبحت منطقة كردستان تحت حماية الولايات المتحدة وبريطانيا, بدلا من سيطرة النظام الصدامي، جرى تنظيم إدارة جديدة في كردستان, من قبل أبناء الشعب الكردي, وجرى فيما بعد انتخاب المجلس التشريعي, وتشكيل مجلس للوزراء, بمعزل عن سلطة النظام الصدامي في بغداد .

أما في الفرات الوسط, وجنوب العراق, فقد تمّ إجهاض الانتفاضة بقوة السلاح, تحت سمع وبصر القوات الأمريكية والحليفة, بل وبدعم منها, وأجرى النظام الصدامي, الذي استطاع قمع الانتفاضة والبقاء في السلطة, حملة تصفية وحشية لم يشهد لها العراق مثيلاً من قبل, لكل من تشك السلطة الصدامية بمشاركته في الانتفاضة، وقدر عدد الضحايا بما يزيد على 300 ألف مواطن, هذا بالإضافة إلى تدمير المدن والقرى بأسلوب إجرامي بشع.

لقد خذلت الولايات المتحدة الشعب العراقي، وبان زيف ادعاء الرئيس الأمريكي بوش، في أن يشهد سقوط صدام حسين ونظامه، فقد وجد بوش أن بقاء صدام على رأس النظام يحقق للولايات المتحدة مصالحها، فيما وجد أن سيطرة القوى الإسلامية الموالية لإيران يمثل أكبر الأخطار على مصالحهم في الخليج، ويهدد الأنظمة القائمة في هذه المنطقة الهامة، التي تحتوي على أكبر مصادر الطاقة في العالم.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 17-03-2015     عدد القراء :  3162       عدد التعليقات : 0