الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رسوم العصمنلي

سبق وأن أعلنت إحدى المنظمات الأممية أن بغداد حصلت على المرتبة الثالثة ضمن لائحة «أوسخ» عواصم الدنيا لاكتظاظها بالنفايات.

وأوضحت التقارير الإخبارية أن هذا التصنيف خلق ردود فعل قوية عند البغاددة، وعبروا عن انزعاجهم وأسفهم بل أعلنوا عن حملات تطوعية للتنظيف وطالبوا المسؤولين، نعم أهلنا طالبوا المسؤولين بتفعيل دورهم من أجل إظهار العاصمة بأبهى صورة، ولم يكتفوا بالمناشدات وإنما تظاهروا وضمّنوا شعاراتهم وهتافاتهم تشخيصا للخلل وعلاجا للمشكلة.

وتجاوبت أمانة بغداد على طريقتها الخاصة، معلنة إعدادها دراسة لجباية أجور خدمات النظافة والصرف الصحي، ولكن هذه الجباية ليست لغرض تنظيف العاصمة بل لدعم الموازنة، وأصدرت بيانا أوضحت فيه أنها ستتجه في المرحلة المقبلة نحو زيادة وارداتها المالية لتنفيذ مشاريعها ورفد موازنة الدولة واستثمار تلك الأموال في تنفيذ عدد كبير من المشاريع المهمة في العاصمة، وانها فاتحت الجهات العليا من اجل الحصول على الموافقات الأصولية لتفعيل قانون الواردات البلدية.

وهذا كلام تستحق عليه الأمانة أن نرفع لها القبعة، إلى أن تقول أنها بصدد إعداد دراسة لجباية أجور خدمات النظافة والصرف الصحي (لتتحول أمانة بغداد من مؤسسة مستهلكة إلى مؤسسة منتجة وتلتحق بالركب العالمي أسوة بما معمول به في بلديات «طهران» و»اسطنبول» وغيرها من عواصم دول الجوار مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تأثير أموال الجباية على الدخل المعيشي للمواطن).

وأيضا نفرح لأن أمانتنا منّا وبينا، ونطمئن لأننا نشعر أنها حريصة أكثر من آبائنا وأمهاتنا على دخلنا المعيشي، ونشكرها جدا لأنها لم تتهور ووازنت بين طهران واسطنبول فلم ترجح كفة على أخرى، ولكن نتفاجأ بخاتمة البيان إذ تعلن: «كما ناقش الاجتماع الطرائق القانونية والعقوبات التي يمكن فرضها على المخالفين والمتهربين».

‏‫تصوروا، أن أبناء شعبنا يتظاهرون لحل المشكلة، فيما الأمانة تتفنن في إيجاد موارد غير سليمة، وتبحث عن العقوبات قبل إعداد الدراسة، وهذه الرسوم تشبه تلك الرسوم.

ففي العهد العصمنلي كان القاضي لا يُعيَّن في المدن الكبيرة إلاّ برشوة يقدّمها لمن بيدهم أمر تعيينه. وكان أهم ما يسعى إليه القاضي بعد تعيينه هو أن يقوم بجمع مبلغ الرشوة، التي قدّمها عند تعيينه.

ومرّة، قدّم أحد القضاة رشوة كبيرة، فعُيّن قاضيا في بغداد، ومعروف أن أهل بغداد هم قوم من المستورين الذين يتجنّبون المشاكل، وينزّهون أنفسهم عن العداوة والبغضاء. فلم تكن هناك دعاوى تُرفع كي يأخذ القاضي منهم ما يقدر عليه من الرشوة، فحار في أمره، ولكن تفتّق ذهنه عن حل سديد، فطلب من حاجبه أن يقف بباب المحكمة، ويُدخل إليه أيّ رجل يمر أمام المحكمة. فكان يؤتى بالرجل إلى قاعة المرافعة ويسأله القاضي: انته داعي؟

فيجيب الرجل: لا.. مولانا.. آني ما عندي دعوى على أي واحد.

فيسأله ثانية: انته مندعي؟

فيقول الرجل: لا.. مولانا.. ما عندي عداوة ويه أي واحد.

فيخاطب القاضي كاتبه: عظيم.. هذا الرّجّال خوش آدمي.. لا داعي ولا مندعي .. إكتب له شهادة.. وأخذ منه ليرتين رسوم الشهادة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-03-2015     عدد القراء :  2937       عدد التعليقات : 0