الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أطباء في العراق .. ( اذا ماصرت زين ارجعلي ) .. !!

العبارة المتداولة بين العراقيين الآن ( اذا ماصرت زين ارجعلي ) هي العنوان الذي يخرج به المريض من عيادات الاطباء في عموم المدن العراقية ، هذه العبارة التي تحولت الى ( تعويذة )، لايمكن أن تتوافق مع رسالة الطب الانسانية ، والقسم الذي يردده الاطباء الجدد في كل العالم ، لأن الطبيب منقذ من الخطأ ومعين على تجاوزه بتصحيح السلوك المسبب للمرض ، وهو بهذه الوظيفة الانسانية يكاد يكون ( جيش انساني ) ضد عدو يستهدف انسان ضعيف ليمنع تدميره !.

كُنا أطفالاً محمولين على أكتاف آبائنا للأطباء ونعود مبتسمين رغم أوجاعنا ، لأن الطبيب كان طبيباً أميناً للقسم العالمي الانساني الذي تحزم به ضميره ، وهناك حكايات وشواهد على انسانية الاطباء ومهنيتهم وفهمهم وعلاقاتهم الاجتماعية بمرضاهم ، وكنا مع أبنائهم أصدقاء في مجتمع يحتفظ للجميع بمنازلهم العلمية والانسانية وعلاقات الجورة والوطنية ، يوم كان الاسود أسود والابيض أبيض ، والناس تجمع في علاقاتها الانسانية كل الالوان .

أطباء العراق في الزمن الجميل كانوا من المجتهدين في مسيرتهم التعليمية ، ابتداءاً من المدارس الابتدائية ووصولاً الى كليات الطب في الجامعات العراقية الرصينة ، دون أن يكون للفساد وبيع الذمم وشرائها موطئ قدم في خارطة العراق بكل مدنه وقصباته وأريافه ، وكم من مجتهد وذكي جاء للمدن من الارياف ولمعة قدرته العلمية وشق طريقه للمجد وكان أهلاً لعنوانه الوظيفي بعد ذلك ، وأصبح أسماً لامعاً باختصاصه .

الآن وقد تخرج من كليات الطب اعداد كبيرة من الـ ( اطباء ) الذين يسومون مرضاهم مر الهوان وينسون قسمهم الطبي الانساني ويذهبون الى ( دهاليز ) التجارة بأوجاع المرضى ، هؤلاء المحسوبين على مهنة الطب دون رقيب ، لا يمكن أن يكونوا أطباء عراقيين ينتظمون في قائمة ذاكرتنا الانسانية التي تشرفت بأسماء الاطباء الذين نحترمهم .

من يطلب من المريض مراجعته مرةً ثانية أذا لم ينفعه الدواء ليس طبيباً ، لأن الأصل أن يكون تشخيص الطبيب بدراية كبيرة تمنح مريضه الثقة وتعينه نفسياً على مقارعة مرضه ، ومن يفشل في ذلك لا يستحق عنوان وظيفته ، والتجارب في الطب جرائم بحق المرضى ، والتيه في التشخيص ادانه لا تقبل التأويل ، ومن يفشل في تشخيص مرض عليه الاعتراف بفشله لأنه يتعامل مع حياة انسان وليس جدار .

السؤال الكبير في الواقع العراقي، من يحاسب من ؟ ، الوزارة والنقابة والحكومة والبرلمان ، هذه الـ ( الاعمدة الأربعة ) المفصلة واجباتها في الدستور العراقي ، ماهي مسؤولياتها في الخراب العام والخراب الخاص في المجال الصحي الذي يعاني منه الفقراء العراقيون ؟ ، وماهي مسؤوليات هذه الجهات الـ ( الباذخة ) في رواتبها دون عناء الواجبات ، عن بحث المرضى العراقيون عن العلاج خارج العراق ؟ .

قد يعتقد ( المناصرون لأحزاب السلطة ) أن المعركة مع داعش هي الأهم الآن ، لكننا نتحدث عن ( معركة ) قبل داعش ، نتحدث عن معركة أتاحت لداعش موطئ قدم ، لأن القادة الممنوحين تفويض من الشعب لا يستحقون طرف خيط في عباءة تفويضهم ..، ولو كانوا يستحقونها لكان على الأقل ينتبهون لـ ( أطباء ) يقولون لمرضاهم ( اذا ماصرت زين ارجعلي ) ..!!.

  كتب بتأريخ :  السبت 28-03-2015     عدد القراء :  3267       عدد التعليقات : 0