الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
يدعون للصلاة.. ولا يصلّون!

واحد من أسوأ الممارسات التي دأبت عليها الحكومة السابقة هو إسناد مناصب عليا في الدولة بما يتعارض مع أحكام الدستور، عن طريق التعيين بالوكالة، لتفادي عرض المرشحين الى هذه المناصب على مجلس النواب وأخذ موافقته عليها، كما يقتضي الدستور.

تلك الممارسة أطلقت يد شخص واحد، هو رئيس الوزراء، في شغل تلك المناصب بأشخاص تنقصهم الكفاءة والخبرة والمهنية، كما أظهرت وقائع نكبة 10 حزيران 2014 وسواها من الأحداث الجسام التي مرّت بها البلاد في السنوات الأخيرة.

في إجراء غير متوقع، أقدم رئيس الوزراء الحالي على تعيين رئيسين لهيئة النزاهة وهيئة الحج والعمرة بالوكالة أيضاً، ما أثار احتجاجات واعتراضات وتحفظات. المحتجون والمعترضون والمتحفظون معهم حق بالتأكيد، فقد كان المتوقع أن تعمل الحكومة الحالية على إزالة آثار الممارسة الشاذة للحكومة السابقة على هذا الصعيد، وإنهاء ظاهرة الوكالة وتعيين وكلاء وزارات ورؤساء هيئات ومؤسسات ومدراء عامين وقادة عسكريين وأمنيين بالأصالة واختيارهم لشغل مناصبهم على أساس الكفاءة والخبرة والمهنية، فضلاً عن الوطنية، لضمان عدم إعادة انتاج نكبة 10 حزيران وسواها من نكباتنا الكثيرة.

مرة أخرى، المحتجون والمعترضون والمتحفظون على إجراء العبادي معهم حق، ولكن المنطق يفرض أن نسألهم: لماذا تحتجّون وتعترضون وتتحفظون على إجراء غير سليم كهذا فيما تقفون بقوة وصلابة وعناد الى جانب الكثير من الإجراءات والممارسات غير السليمة ولا تقبلون باستبدالها؟

عدا عن الوزراء، فان وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات والمؤسسات والمدراء العامين والقادة العسكريين والأمنيين، وسائر ذوي الدرجات الخاصة، جميعهم لم يُعيّنوا في مناصبهم إلا على أساس المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والعشائرية والقرابية، وليس وفقاً لقواعد الكفاءة والخبرة والمهنية والوطنية.. جهاز الدولة متخم بعديمي الكفاءة والخبرة والمهنية والوطنية، وهذا تمّ بفعل فاعلين، والفاعلون هم زعماء الكتل والأحزاب والقوى المتنفذة في مجلس النواب والحكومة، فهم لا يقبلون بأن يعيّن رئيس الوزراء أعضاء حكومته إلا من مرشحيهم .. وهم لا يرضون بأن يمنحوا رئيس الوزراء والوزراء صلاحية التعيين في المناصب العليا والدرجات الخاصة على أساس الكفاءة والخبرة والمهنية والوطنية.. المحاصصة هي شرطهم ومنهجهم وقانونهم الأسمى، والمحاصصة لا مجال فيها للكفاءة والخبرة والمهنية والوطنية، وانما المجال فيها للولاء الشخصي والحزبي والعشائري فحسب.

معكم أيها المحتجون والمعترضون والمتحفظون في الاحتجاج والاعتراض والتحفظ على خطوة شغل المناصب بالوكالة، ولكن لابدّ، قبل هذا، أن ترفعوا أيديكم عن المناصب التي لا تقبلون بأقل من تعيين محازبيكم وأتباعكم وأفراد عائلاتكم والمتزلفين إليكم فيها؟ فأنتم بهذا كمن يدعو الى الصلاة ولا يصلي!

  كتب بتأريخ :  الأحد 12-04-2015     عدد القراء :  2304       عدد التعليقات : 0