الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لتندحر قوى القتل والسبي والاغتصاب والتدمير ولتتطهر أرض العراق من هؤلاء الأوباش

لن يتحقق هذا الشعار الوطني الرصين إلا إذا تحققت وحدة الشعب ووحدة قواته المسلحة، فهل هناك من مسعى جاد لتأمين العامل الحاسم في تحقيق النصر في المعركة الطاحنة ضد قطعان داعش المتوحشة؟ هذا السؤال الكبير يدور في رؤوس الملايين من أبناء الشعب العراقي في الداخل والخارج، إضافة إلى الكثير من البشر المتعاطفين من الشعب العراقي والذين يخشون على حياة أفراده وعلى تراثه الحضاري الذي يدمر يوميا على أيدي الوحوش الكاسرة. ولكن هل من سميع؟

فرغم كل النداءات والمناشدات والبرامج التي تطرحها قوى سياسية وشخصيات عراقية ودولية، فأن الآذان ما تزال صماء لا تريد أن تسمع بأن لم تعد مدن الموصل والرمادي وغيرها من مدن غرب بغداد هي ضحية إجرام داعش والقوى المتحالفة معه والمساندة له داخلياً وإقليميا ودولياً، بل إن العراق كله يعيش في خطر داهم، وفي المقدمة بغداد العاصمة، مدينة السلام والتآخي بين القوميات وأتباع الديانات والمذاهب والأفكار التي لم تعد تبعد عن قطعان داعش سوى مئة كيلو متر فقط.

عدد النازحين قسراً من محافظة نينوى ومحافظات غرب بغداد، وأخيرا من مدينة الرمادي، في تعاظم لا مثيل له، وهم في أوضاع مزرية. ولكنهم يتعرضون الآن إلى قيود مشددة لا مثيل لها أيضاً حين يلجأون إلى بغداد طلباً للحماية من الموت المحقق على أيدي عصابات داعش. إن القتل الجماعي الذي تعرض له سكان الرمادي وأبناء وأطفال عشيرة ألبو فهد بشكل خاص لوطنيتهم وشجاعتهم ومقاومتهم بدأت تخيف الكثير من البشر الذي هرب بجلده.

إنها كارثة عظمى يتعرض لها الشعب العراقي وسوف لن ينج منها أحد إن لم توضع السياسات وتنفيذ الإجراءات التي تضع حداً للصراعات الطائفية الجارية ولتلك السياسات التي تعرقل تنفيذ المنشود من الإجراءات لتحقيق المصالحة المنشودة من خلال الابتعاد عن النظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية من قبل القوى والعناصر التي تسعى لإزاحة العبادي والحلول محله لتسليم العراق كلية لأعداء الشعب بذات السياسات التي مارسها نوري المالكي ولتحقيق المصالح الأنانية القذرة على حساب مصالح الشعب والوطن.

إن وحدة الشعب والجيش واعتماد مبدأ المواطنة الحرة والمتساوية والتعامل السليم مع الجميع هي الأداة الفعلية والضرورية للانتصار, في حين إن سياسات الطائفية المقيتة والتمييز الديني والتهميش والإقصاء والعنجهية الفارغة كانت حتى الآن هي السبب وراء كل ما حصل بالعراق وكل المخاطر التي واجهها اليوم ومنها خطر السقوط في أحضان قوى الإسلام السياسي الفاشية والمتطرفة، تماماً كما سقطت الموصل والفلوجة والرمادي وغيرها بأيدي تلك العصابات الشريرة.

إن المشكلة أيها السادة لا تكمن في امتلاك السلاح، فالسلاح المتنوع والهجومي والدفاعي كان متوفراً بغزارة في ترسانة الموصل، بل المشكلة تكمن في المقاتلين الذين فقدوا الثقة بالحكومة والجيش وتركوا السلاح للعدو. وبسبب فقدان تلك الثقة والفساد والطائفية انتقل السلاح إلى أيدي الأعداء، وهذه اللوحة البائسة والمرعبة تكررت بالتمام والكمال بالرمادي أيضاً، وهي التي يمكن أن تتكرر في كل مكان من العراق ما لم يغير الحكم نهجه الطائفي وسياساته وإجراءاته.

مشكلة العراق ليس في وجود متطوعين شجعان يريدون الدفاع عن العراق وانضموا إلى الحشد الشعبي، بل إن المشكلة تكمن في طبيعة وبنية وقيادات المليشيات الشيعية المتطرفة التي بدأت هي بتشكيل هذا الحشد الشعبي الذي يخشى منه أبناء وبنات أتباع المذهب السني بالعراق. والذي تنقل وسائل الدعاية البائسة أخباراً من مدن غرب العراق تطالب بمجيء الحشد الشعبي لإنقاذها من داعش وكأنها كمن يقول "أن الغريق يتشبث بالقشة التي لا تنجيه من الغرق"!

إن إعلامنا الرسمي بالعراق بائس حتى هذه اللحظة، تابعوا تلفزيون قناة العراقية، فهو مليء بما لا يمكن اعتباره إعلاماً قادراً على تعبئة الناس، بل العكس هو الصحيح. إن إعلام فاقد للحس الوطني، إعلام طائفي مقيت حتى في طريقة شجبه للطائفية، وعاجز عن فهم الوضع النفسي للشعب العراقي وما تعرض له وكيف يمكن رفع معنوياته وشد لحمته في فترة خوض العراق مثل هذه المعارك. ولهذا فالنداء الذي أصدره بصيغة رسالة موجهة إلى السيد رئيس مجلس الوزراء، د. حيدر العبادي، رئيس الجمعية النفسية العراقية الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح بتاريخ 21/5/2015 ودعوته المهمة إلى تشكيل هيئة إعلام جديدة تضم "فريق علمي متخصص بالحرب النفسية وسيكولوجيا الإشاعة في يومين ونكون جاهزين للعمل خلال هذا الأسبوع. اسمعوا المتخصصين الأكاديميين المستقلين سياسيا هذه المرة، فالوطن في خطر لن تسلموا منه حتى انتم." لتكون السياسة الإعلامية قادرة على تعبئة المجتمع ورفع المعنويات ومواجهة إعلام عصابات داعش المتقدم على إعلام أجهزة الإعلام الرسمية العراقية. (انظر موقع فيسبوك الأستاذ قاسم حسين صالح). علماً بأن هذا الإجراء لن يكفي ما لم يقترن بتغيير فعلي على المستويين السياسي والإجرائي الفعلي.

العراق كله في خطر، فهل تسمعون صوت العقل والحكمة والخبرة يا حكام العراق؟ العراق كله في خطر فهل يسمع أولئك الذين وضعوا العراق في هذه المحنة الكبرى ولم يكفوا حتى الآن عن خبثهم وفي زيادة التعقيد في الوضع المأساوي الراهن؟ العراق كله في خطر كبير فهل تسمعون أيها الطائفيون المولعون بالانتقام المتبادل، يا من طردتم مبدأ المواطنة الحرة والمتساوية من قاموس السياسة العراقية الرسمية وتشبثتم بالطائفية والأثنية وتتحدثون عن التوازن في توزيع الحصص والمكاسب لصالحكم وليس لصالح أتباع هذا المذهب أو ذاك؟ إنكم تدفعون بالعراق إلى الهاوية، فهل سيتصدى لكم بنات وأبناء العراق، كل العراق، لتأكيد حقه في وحدته ووحدة قواته المسلحة وفي خوض النضال الموحد لمواجهة العدو الأكثر شراسة والأكثر عدوانية وإجراماً والذي يذكرنا بما فعلته قوات هولاكو التي غزت بغداد واجتاحتها وسبت واغتصبت ما شاءت؟

أيها الناس اسمعوا وعوا, إن العراق كله في خطر كبير ولن تنفع طرح الشعارات التفصيلية الصغيرة لهذه الجماعة أو تلك بأمل الحصول على حماية هنا أو هناك، فالكل ودون استثناء أصبح في دائرة الخطر الداهم!

لترتفع أصوات الشعب مطالبة بوحدته ووحدة قواته المسلحة لمواجهة العدو المتوحش، لترتفع أصوات الشعب مطالبة بالكف عن المحاصصة الطائفية ومن أجل تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة العبادي ذاته لمواجهة الأوضاع  ولنتخلص من الفاسدين والمفسدين والعابثين بحياة الإنسان ووجود العراق وتراثه الحضاري ومستقبله.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 25-05-2015     عدد القراء :  3288       عدد التعليقات : 0