الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أقوى منافسي \"كلاي\" في البرلمان

شتائم جارحة وذراع قوية وجهل تام بقواعد السياسة، تلك هي مؤهلات العديد من نوابنا "الأشاوس" بعد أن صرفت لهم كتلهم السياسية مجموعة من العبارات المحفوظة في علب منتهية الصلاحية من عينة "الأجندات الخارجية"، "قرارات إستراتيجية"، "المرحلة الراهنة"، فتُشعر أنهم جميعهم، يرددون هتافا واحدا، ويرتدون ثوبا واحدا وفي يد كل منهم عصا يخرجها في اللحظة التي يشم فيها رائحة اختلاف مع هلوساته.

هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك شيطانية لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها، حولت مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكانا يجتمع فيه ذوو الكفاءات والخبرات والطاقات الخلاقة، إلى مزاد للطائفية وعرض سيئ للعضلات وتخريف في العمل السياسي، لتغيب وتغيب القضايا التي تهم الناس، ليحل محلها صراع من اجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة اللكمات والركلات، برلمانيون أعادوا البلاد إلى عصر التحاصص الطائفي والعشائري، بعدما توهم العراقيون أنهم سيقطعون مراحل مهمة على طريق الدولة المدنية، ابتذال واستخدام رخيص ومشين لقاعة مجلس النواب التي يجب أن ترتبط بأذهان الناس بمعارك وطنية حقيقية من اجل خدمة هذا الوطن.

ربما سيقول البعض إن الجدل والعراك من طبيعة المجالس البرلمانية في العالم، وان الاختلاف بين الجميع حق دستوري، لكن أن يصل الاختلاف إلى شتائم بذيئة واستخدام للأرجل والأيدي، فهذا يعني أننا نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، وارتفاع في مؤشر الجنون إلى أعلى نقطة.

مَنْ يريد لعائلته أن تتفرج وترى ماذا يحدث للبرلمان بين سواعد وقبضات نوابنا الميامين، ومن يتمنى أن يمثله هكذا نواب استبدلوا لغة الحوار بحلبات الملاكمة.

لعل أفظع ما في الأمر أن مشهد المعركة بالأرجل واللكمات بين " القبضاي " كاظم الصيادي و" اشقياء " كتلة الاحرار غسان شباني وعواد العوادي، كشف لنا أن كل ما قيل عن دولة المؤسسات والقانون هو كلام من قبيل الاستهلاك اليومي، ففي النهاية المنتصر هو من يسقط خصمه في الحلبة.

حين سأل الروائي نورمان ميلر ما الذي استهواه في محمد علي كلاي ليقرر ان يكتب عنه مجلدا كبيرا قال: لانه الرجل الوحيد الذي يأتي بألف حركة نبيلة في الدقيقة الواحدة".

وحدهم نوابنا " الابطال " ياتون بالف حركة انتهازية في الدقيقة الواحدة وبعدها، لم يعد أي حديث عن مصلحة الوطن يثير اهتمامهم.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-05-2015     عدد القراء :  3120       عدد التعليقات : 0