الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
قانون شبكة الإعلام جيد.. ولكن!

هذا قانون جيد من دون شك، لأنه أولاً وقبل كل شيء يُنهي الحال الراهنة لشبكة الإعلام العراقي التي ظلّت معلّقة بين الأرض والسماء محرومة النسب الى أمها أو أبيها، فقانون الشبكة الذي أقرّه مجلس النواب للتوّ يجعلها "ترتبط بمجلس النواب"، بخلاف ما سعت إليه بعض الكتل البرلمانية التي ناضلت ضد استقلالية الشبكة ومن أجل جعلها مرتبطة بالحكومة.

والقانون جيّد كذلك لأنه يؤكد المبادئ الأساس للإعلام، بوصفه خدمة عامة شاملة وموضوعية وحيادية، تهدف الى "إعلام الجمهور بالتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والصحية والرياضية والدينية وغيرها بمهنية ومصداقية وحياد وموضوعية"، والى "تعزيز ودعم المبادئ والممارسات الديموقراطية، وتشجيع تقبل الرأي الآخر وثقافة التسامح، وعدم الترويج للأفكار والممارسات العنصرية والطائفية والدكتاتورية والعنف والإرهاب، وبخاصة الفكر البعثي الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى، وكل مايثير الأحقاد والكراهية بين أبناء الشعب العراقي" (المادة الخامسة).

والقانون جيد أيضاً لأنه يضع آلية مهنية لاختيار قيادة الشبكة (مجلس الأمناء)، فلم ينصّ القانون على أن يكون أعضاء المجلس ممثلين لقوى وتيارات سياسية ويجري اختيارهم على وفق نظام التوافق الذي وضعته الطبقة السياسية المتنفذة بديلاً عما قرره الدستور الذي كرّس مبادئ المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص. القانون ينصّ على أن "يتكون مجلس الأمناء من تسعة أعضاء، جميعهم غير تنفيذيين، ثلثهم على الأقل من النساء، ويتمتعون بالخبرة والدراية بالأمور الاعلامية أو الثقافية أو الإدارية أو المالية أو القانونية". كما ألزم القانون بأن: "يعلن مجلس الأمناء عن المناصب الشاغرة في عضويته ويحقّ لكل العراقيين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون أن يقدموا طلباً لشغل هذه المناصب، ويرفع مجلس الأمناء قائمة بأسماء جميع المتقدمين المتوفرة فيهم تلك الشروط الى اللجنة النيابية المختصة (لجنة الثقافة والإعلام)، والتي تقوم بدورها باختيار الأفضل من بينهم وعرض العدد المطلوب على مجلس النواب للتصويت عليهم" (المادة 8).

ثمة أحكام كثيرة أخرى إيجابية يمكن لها، اذا ما جرى تجسيدها على أرض الواقع، أن تُنهي حال الضعف الشديد المتسمة بها خدمة الشبكة التي تحوّلت بفعل ضغوط الحكومة السابقة، خصوصاً، إلى نسخة طبق الأصل تقريباً من خدمة وزارة الإعلام في عهد صدام حسين.

لكن ... كل العناصر الايجابية التي تضمّنها القانون يمكن أن يطاح بها بالضربة القاضية اذا ما تحايلت القوى المتنفذة في البرلمان على أحكام القانون وتمسّكت باستمرار العمل بنظام التوافق السياسي- الطائفي اللعين. فكما هي الحال في الهيئات الموصوفة بانها "مستقلة" وفي سائر وزارات الدولة ومؤسساتها يمكن لهذا النظام أن يُفرغ القانون الجديد لشبكة الإعلام من محتواه وأن يُبقي على الشبكة هيئة حكومية بائسة ومبتئسة، فكأننا لا رحنا ولا جينا ولا شرّعنا قانوناً جديداً طال انتظاره.

  كتب بتأريخ :  الأحد 31-05-2015     عدد القراء :  2511       عدد التعليقات : 0