الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أمل إبليس بالجنة

لا أظن ان أحداً من مواطني مدينة الحلة، ومحافظة بابل كلها، سيأخذ على محمل الجدّ الكلام الجديد عن العزم على إنشاء قصر للثقافة في هذه المدينة، سليلة عاصمة الدنيا، بابل، في حقبتين تاريخيتين، قبل 3500 سنة ثم قبل 2500 سنة.

كل كلام معاد ومكرّر السنة بعد الأخرى لا يبعث على الثقة، والكلام المعاد المكرّر في دولتنا صار أكثر من أن يُحصى، وأكبر من أن تستوعبه أرشيفات وسائل الإعلام والمكتبات العامة، وحتى الفضاء الافتراضي (الإلكتروني) الفسيح أيضاً.

هل الكلام عن قصر الثقافة في الحلة معاد ومكرر الى درجة الملل؟

نعم بالتأكيد، وإليكم الدليل:

لن أذهب بعيداً.. في شباط 2012 أبلغ النائب الأول السابق لمحافظ بابل إحدى وكالات الأنباء المحلية بأن المحافظة خصصت 18 مليار دينار (15 مليون دولار) لبناء قصر الثقافة والفنون في مدينة الحلة وعشرة مليارات دينار لتأهيل القصر الرئاسي ( قصر صدام سابقاً) الواقع في منتجع بابل (عند المدينة الأثرية).

وبعد شهرين من ذلك (نيسان 2012) أعلن رئيس لجنة الثقافة والاعلام السابق في مجلس محافظة بابل ان المجلس خصص مبلغ 17 مليار دينار لبناء قصر الثقافة والفنون وملياري دينار لدار رعاية الاطفال في الحلة .

وبعد ستة أشهر (تشرين الأول 2012) نقلت إحدى الوكالات عن محافظ بابل السابق محمد المسعودي قوله ان الملاكات الهندسية والفنية التابعة لدائرة المشاريع في ديوان المحافظة باشرت بمشروع بناء قصر الثقافة الذي تبلغ كلفته الاجمالية 16 مليار دينار "ومن المؤمل إنجازه خلال الأشهر المقبلة ".

إذاً في عام واحد، منذ ثلاث سنوات، كان مشروع قصر الثقافة في الحلة قد انتقل من مرحلة تخصيص المبالغ اللازمة له الى مرحلة مباشرة الملاكات الهندسية والفنية به (الأرجح مباشرة وضع التصاميم).

والآن، بعد ثلاث سنوات، يعلن رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في مجلس محافظة بابل، منذ أيام، عن وضع التصاميم النهائية لـقصر الثقافة والفنون في مدينة الحلة وتخصيص قطعة أرض للمشروع، مشيراً الى أن المباشرة به ستتم حال تخصيص الأموال اللازمة له (المدى برس).

الأمر إذاً مرهون بالفلوس، "والفلوس عند العروس" والعروس تعاني من انهيار أسعار النفط وخواء الخزينة، ومادام تخصيص المبالغ ووضع التصاميم قد استغرق كل هذه السنوات فإن التنفيذ سيحتاج الى مدة مضاعفة، والحلة بالذات لديها تجربة غنية بالمشاريع المعمّرة، فإنشاء جسر أرضي (مجسّر) وتقاطع طرق (الحلة – النجف – الديوانية) على سبيل المثال استغرق العمل فيه أكثر من خمس سنوات، وفي بلاد أخرى قريبة جداً منا لا يتجاوز إنجازه الستة أشهر.

لكن الفلوس ليست المشكلة الحقيقية، فهي كانت متاحة بوفرة قبل ثلاث سنوات.. لو كانت هناك إرادة حقيقية، في بابل وفي بغداد، لإقامة قصر ثقافي في الحلة لكانت المهمة سهلة للغاية .. قصر صدام السابق في منتجع بابل، المهمل والبائس الآن، لا يحتاج إلا إلى مليوني دولار لتجهيزه وتحويله الى قصر عامر ضاجّ بالانشطة الثقافية بدل تركه ليكون مرافق صحية مكشوفة، كما هو عليه الآن، وفندق بابل الذي اتخذته القوات الأميركية مقراً لها بعد 2003 ثم تحوّل الى خربة مهجورة ( يسكن فيه الآن عدد من العوائل النازحة) لا يحتاج إلا الى مبلغ مماثل ليصير قصراً ثقافياً هو الآخر.

الأمل بقصر منيف للثقافة في الحلة (وفي بغداد وسواها من المدن التي خلًف فيها صدام العديد من القصور الصالحة لتكون قصوراً ثقافية)، يماثل أمل إبليس بالجنة، فما من أحد همه الثقافة.. حتى وزارة الثقافة.

  كتب بتأريخ :  الخميس 11-06-2015     عدد القراء :  2604       عدد التعليقات : 0