الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الشرق الأوسط : الضياع في المتاهة..!!؟

لعل تأثير السنوات الخمس الماضية، وعلى أقل تقدير ما يتعلق منها، على أوضاع دول الشرق الأوسط على سبيل التحديد، و بالخصوص منها الدول ِالعربية، ، ما يمكن القول في وصفه؛ بأنه قد أسبغ على ظروف تلك الدول وأوضاعها السياإجتماعية، حالة من الفوضى والتشتت وخلط الأوراق، لدرجة باتت معها تلك البلدان، وكأنها تعيش وسط متاهة بلا دليل، أو أنها وعلى حين غرة ، وجدت نفسها وسط طريق مسدود لا عودة منه، وإذا بها تسبح في برك من الدماء، وتدمر بلدانها وهي لا تلوي على شيء..!؟

وأمام المرء من الأمثلة ما لا يحتاج الى برهان، فالواقع الراهن ومنذ بدايات العام/ 2003 ، وحده كاف ليعطي المرء من البراهين، ما فيه من الكفاية والدليل، ما يدحض أي تخرصات قد تأتي على لسان من صدق أو توهم بأن ما سمي بالتغيير، أو بالشرق الأوسط الجديد، كان حقيقة لا غبار عليها، وأن التسليم بقبولها، فيه ما يضمن النجاح والنجاة من واقع مرير، أما ما ظهر على السطح، من فوضى وإضطراب وتداعيات مدمرة، فما هو إلا حالة من الفوضى، في طريقها الى الخلق والبناء الجديد، وليس أمام المواطن إلا التذرع بالصبر، فكل صبر، ولابد أن وراءه فرج محتوم، كما تصورها مقولة الفوضى الخلاقة..!!؟؟

ولكن التجارب في كل من ليبيا والعراق وسوريا ومصر، وأخيراً اليمن، جميعها كانت حقولاً لتجارب ما يدعى الشرق الأوسط الجديد، و الفوضى الخلاقة، وكل ما يدعى ب التغيير؛ ولكن واقع الحال قد كشف أمام شعوب تلك البلدان حجم الكذبة الكبرى، التي أحاقت بها، وهي اليوم تعاني من التداعيات المدمرة لهذه التجربة المريرة، فالثمن الذي قدمته تلك الشعوب وما زالت تقدمه كل يوم، لا يقل في فداحته، عما قدمته الشعوب الأفريقية أثناء الغزو الإستعماري لإفريقيا في القرنين الماضيين..!!؟؟

إنه الغزو الإستعماري الجديد بعينه، ولا سبيل الى درء الخطر الذي يحيق بتلك البلدان، وفق نفس الطرق والأساليب التي جرى التعارف عليها يومذاك؛ فسايكس بيكو بنت الأمس، ليست هي نفسها بنت اليوم، وما جرى تخطيطه لتقسيم المنطقة في الأعوام/ 1914 _ 1918، ليس هو نفسه ما يجري التلويح به اليوم، والأسس التي جرى تقسيم المنطقة بموجبها يومذاك، ليست هي نفسها الأسس المرسومة على خرائط السينياروهات الجديدة لهذا اليوم، فالجميع في المنطقة أمام سايكس بيكو للتقسيم، ولكن وفق أسس من نوع جديد..!؟

فبلدان المنطقة التي كانت يوماً ما، تحت سلطة وهيمنة الإمبراطورية العثمانية، وكأنها منطقة واحدة، جرى تقسيمها بعد الحرب العالمية الأولى، بين فرنسا وبريطانيا طبقاً للإتفاقية التي توصل اليها كل من مندوبي الدولتين، سايكس وبيكو، وفق مصالح الدولتين الإستعماريتين يومذاك، لتلحقاها بعد ذلك، بإتفاقية سان ريمو/1920، التي ثبتت التقسيم، بوضعه الحالي..!؟

أما ما يخطط له اليوم، من تقسيم تلوح به سيناريوهات الدول ذات التحالفات الدولية الجديدة، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية، فهو يدور حول تقسيم المقسم في المنطقة؛ وقد سخرت له من الوسائل والآليات، ما يجنبها كل ما قدمه حلفاؤها الحاليون مثل فرنسا وبريطانيا، في الحرب العالمية الأولى من خسائر في الأرواح والأموال؛ فهناك اليوم، من هو مستعد أن يمول عمليات التقسيم مادياً، ومن يضخ لها ما تحتاجه من وقود بشري على مدار الساعة، وهي نفسها، مستعدة وعلى الدوام، لتقديم الدعم اللوجستي بالسلاح والتكنلوجيا المتطورة، بما فيه الإعلام الغوبلزي المحترف، أما الذرائع فحدث ولا حرج، فالتمسك بورقة الإرهاب في الظروف الراهنة، إنما هو الورقة الأفضل في برنامج الدعم اللوجستي، كذريعة صالحة وديناميكية لإدامة الحرب الكونية المسلطة على المنطقة..!؟؟

ومن المسلم به أن هذه الورقة، ليست بنت يومها، فهي قد وجدت طريقها الى السياسة، منذ وقت بعيد، وقد أخذت لها مسميات متعددة، لدرجة إعتاد الناس على ترديدها ليل نهار، فبعد أن جرى إستخدامها في أفغانستان، تحت تسمية "القاعدة" ، وجدت طريقها الى العراق بعد غزوه من قبل أمريكا عام/2003 ، ويعاد إستخدامها في سوريا منذ خمسة أعوام، وبتسميات متعددة، لتنتهي أخيراً، بما يسمى " داعش " في العراق وسوريا وغيرها من دول العالم العربي، ـ مثال مصر وتونس وليبيا وحتى اليمن، وأخيراً وجدت طريقها الى الكويت، في ترويعها بحادثة تفجير مسجد الإمام الصادق، وما تعرضت له تونس من عمل إرهابي، إستهدف القطاع السياحي وراح ضحيته عدد من السواح الأجانب، وأخيراً وليس آخراً، الحادث الإجرامي بإغتيال الشهيد المستشار هاشم بركات، النائب العام المصري، في التاسع والعشرين من حزيران الجاري..!!؟؟(*)

لقد بات منطقياً أن يصبح سلاح الإرهاب المشهر ضد الأبرياء من مواطني البلدان العربية، وضد وجودها وسيادتها كدول مستقلة، هو السلاح الأكثر فعالية، والأشد تأثيراً في زعزعة إستقرار تلك الدول، وترويع شعوبها، والأسهل إستخداماً بيد أؤلئك الذين صنعوا منه وسيلتهم الأكثر فتكاً، وأداتهم المفضلة في تحقيق أهدافهم المرتبطة بمصالحهم؛ فمنطقة الشرق الأوسط، لا زالت تحتفظ بحيويتها الخلاقة، وقدراتها على التأثير في ميزان التوازن الدولي، لما تملكه من خزين الثروات الوطنية، ومن الطاقات المنتجة بلا حدود؛ الأمر الذي لا زال يدفع وبإستمرار، تلك الدول التي ما إنفكت تبذل مساعيها، من أجل إستعادة فرض هيمنتها، وبمختلف الطرق والوسائل، على بلدان تلك المنطقة، الى بذل المزيد من الجهد والتخطيط ،من أجل تحقيق ذلك؛ فكان لها في تدويل ورقة " الإرهاب"، وعلى الدوام، مثل حي، في تسهيل تمرير خططها وسيناريوهاتها المتعددة، وتحويل المنطقة الى متاهة بلا بدايات، أو نهايات..!؟؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 01-07-2015     عدد القراء :  2841       عدد التعليقات : 0