الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
السرطان.. برج حكومي

لأن 1 تموز هو عيد ميلاد «بهلول»، لذا راح إلى مكتب «الشريفي» بالكرادة، وجلس خلف إحدى الحاسبات، وراح يتصفح ما يخص يومه الأثير، فقرأ: لعلها ظاهرة عراقية لا يشارك العراقيين فيها شعب آخر من شعوب الأرض، ففي الأول من تموز تستطيع أن تقول لأكثر من نصف العراقيين هابي بيرث داي (عيد ميلاد سعيد!)، لأن دفتر نفوس معظم العراقيين يحمل تاريخ التولد 1/7.

تفاجأ السيد «بهلول»، لأنه كان يظن أن أنفارا فقط يشاركونه يومه، وأراد أن يعرفهم لا سيما القادة والفنانات والشعراء المولودين في يومه الأغر، فإذا به يتحول إلى رقم ضائع بين ملايين العراقيين المحتفلين بالأول من تموز.

وقرأ أيضا: والسبب في هذه الظاهرة العراقية (الخالصة) أن آباءنا وأجدادنا كانوا يتماهلون في التسجيل، وقد تمر سنوات لحين استحقاق الولد دخول المدرسة أو وصوله إلى سنّ التجنيد الإلزامي فتتم مراجعة دائرة النفوس التي تسجله حسب ادعاء الوالد على السنة التي يتذكرها وغالبا ما تكون السنة مقترنة بحدث ما، مثل (دكة رشيد عالي) ليقصد بها عام 1941!، أو عام مقتل الملك غازي وهكذا، وحيث لا يتذكر الوالد فتضطر دائرة النفوس كمعالجة وسطية للأمر إلى اعتبار يوم 1/7 يوما لميلاد المراجع الكريم.

وابتسم «بهلول» لمقترح أحد الظرفاء: بغضّ النظر عن أيّة مناسبة أخرى قد يعنيها «اليوم» في مسلسل (حدث في مثل هذا اليوم!)، فإن إقامة (أعياد ميلاد مشتركة) لنصف الشعب العراقي في الأول من تموز هو أمر مستحب، وحبذا لو تبادر له الجهات المعنية بإشغال الناس وإجبارهم على نسيان أو تناسي ما يدور حولهم من مآس ومحن ومعاناة!!

وانتشى «بهلول» حين عرف بأن ما نسبته 95 بالمائة من ثورات العراقيين قد اندلعت في تموز، ولكنه غضب حين عزا البعض السبب للحرارة اللاهبة وليس للحرمان والجور والاستبداد والظلم والظلام.

وضحك «بهلول» من كلّ قلبه حين أخبره السيد «غوغل» أن السلطات البريطانية تفاجأت مرة لما وصل وفد عراقي من سبعة أشخاص وجميعهم من مواليد 1/7 مما وّلد شعورا بالانبهار والتعجب وعدم التصديق!

وقرأ مقترحا ظريفا آخر: إذا كان ثلاثة أرباع العراقيين هم مواليد 1/7، فلماذا لا يكون عيدا وطنيا.

ولأن «السرطان» برجهم، لذا عكف «بهلول» يقرأ عن صفاتهم، فعرف أنهم ـ أي مواليد السرطان ـ يتسمون بالمزاجية والتقلب، ومشاعرهم حادة. بعيدون عن السطحية, ولهم خيال قوي متوجس. ضحكتهم قمرية وتبدأ من حنجرتهم مكتومة مبحوحة ثم تتصاعد لتصبح مثل قرع الطبول. كما يتصفون بإرسال النكت والدعابات رغم اتصافهم بالهدوء والحذر الشديد عادة. وغالبا ما يبدون منقبضين وتنطوي أنفسهم على مخاوف كثيرة لا أساس لها في كثير من الأحيان.

وهنا دفر «بهلول» الحاسبة قائلا: بربكم، هل هذه صفات برج السرطان؟ أم هذه آثار ما فعلته بنا الحكومات المتعاقبة؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 01-07-2015     عدد القراء :  2622       عدد التعليقات : 0