الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
«الإخوان».. ينصحون صدام بـ «القاعدة»

كتب عن فترة ماضية، شهودها مازالوا أحياءً، فإذا تحققنا في الإسلام السِّياسي نجده متشابك البنيان. و«القاعدة» بزعامة أُسامة بن لادن (قُتل 2011) ليست معزولة عن «الإخوان»، وهل كان الشَّيخ عبدالله عزام (قُتل 1989) غير «إخواني»، وهو مَن أوجد الأفغان العرب، وِمِن هؤلاء ظهرت «القاعدة»، وفرخت: «النَّصرة» و«داعش»، وهل كان صالح عبدالله سريَّة (اعدم 1974) خارج «الإخوان»!

لقد نصح الإخوان «السُّوريون» النِّظام العراقي السَّابق بإقامة علاقة مع تنظيم «القاعدة»؛ وقبل أن نأتي على تقرير ذلك لنرى كيف كان ينظر النِّظام العراقي لجماعة «السَّلفية الجهادية» وجماعة «التكفير والهجرة»، لكن نَوازل سياسية جعلت العدو إلى من تُرجى صداقته، وهي حكمة اشتهرت لأبي الطَّيب (اغتيل 354هـ)، ولجزالة البيت عُرفت القصيدة به ولم يكن مطلعها: «ومِن نكد الدُّنْيا على الحُرِّ أن يرى/عدواً له ما مِن صداقته بُدُّ»(الدِّيوان/ تحقيق اليازجي).

قرأت في كتاب «محاولات اغتيال الرَّئيس» (الدَّار العربية 1982)، لمدير المخابرات العراقية آنذاك برزان التَّكريتي (أعدم 2007)، عن محاولة اغتيال للرئيس البكر (ت 1982) ونائبه صدام معاً، وكان بطلها «الإخواني» الفلسطيني صالح سرية، الذي صار «إخوانياً» بعد دخول العراق 1948، وحسب ما ورد مِن اعترافات في هذه القضية أن ملخص رأي سرية: «مسألة القيام بحركة انقلابية أمر صعب، وغير ممكن حالياً؛ لذلك أطرح عليكم فكرة الشُّروع بتنفيذ عمليات اغتيال» (محاولات اغتيال...). فشلت العملية التي أريد تنفيذها في 31 /8/ 1971 خلال زيارة صدام لأحمد حسن البكر الراقد آنذاك في مدينة الطَّب، حينها هرب سرية إلى مصر، وشكل تنظيمه «الجهادي» المعروف.

كذلك ما نقرأه مِن العداء بين النِّظام العراقي والجماعات الجهادية السَّلفية في تقرير لمديرية الأمن؛ عندما قامت دائرة الأمن بما عٌرف بـ«التشبيك» مع تنظيم «التَّكفير والهجرة»، فاُكتشف أن أحد المصريين، المحكوم عليه بعقوبة المؤبد، دخل العراق وشكل تنظيماً، وقيض على قيادته، وحكموا بأحكام بين المؤبد وخمسة عشر سنةً. حصل هذا في النصف الثَّاني مِن عقد الثَّمانينيات (التَّكفير والهجرة، كراس محدود التداول).

أما نصيحة «الإخوان المسلمين»، ممثلين بالقيادي آنذاك عدنان عُقلة، فيرويها ضابط المخابرات العراقي رئيس شعبة أميركا، سالم الجميلي بالآتي: «كانت لنَّا علاقة مع جماعة (الإخوان المسلمين) السُّوريين، جماعة عدنان عُقلة، هؤلاء كانوا على علاقة مع أُسامة بن لادن، وكان مقيماً في السُّودان حينها، وعرضوا علينا إقامة علاقة معه للعمل ضد السُّعوديّة، واستحصلنا موافقة، أن نبعث رسالة عن طريق (الإخوان) السُّوريين، وتحديداً عن طريق شقيق عدنان عُقلة، وهو كان مقيماً في دولة عربية مجاورة للعراق، واستدعيناه إلى بغداد، والتقيتُ بهذا الشَّخص في فندق المنصور ميليا، وبلغناه أن يحمل رسالة إلى أسامة بن لادن (فحواها): الآن أصبح العدو مشتركاً، فلنتعاون في ما بيننا في تقويض النِّظام في المملكة...» (مقابلة مع الجميلي، تلفزيون روسيا اليوم، برنامج خاص، في 20 آذار (مارس) 2013 أجرى المقابلة الإعلامي العراقي سلام مسافر).

حمل شقيق «الإخواني» السُّوري الرسالة مِن المخابرات العراقية إلى بن لادن وهو بالسُّودان وعاد بعد شهر إلى بغداد بالجواب الآتي: «ان أُسامة بن لادن يرى أن النِّظام البعثي في العراق نظام كافر، وهو المسؤول عن جلب الأميركيين إلى المنطقة، وإنه لا يمكن أن يلتقي مع هذا النظام، أو يتعاون معه أو يعمل معه». يضيف ضابط المخابرات قائلاً: «جرت محاولات أُخرى عن طريق حسن التُّرابي، بس (لكن) أُسامة بن لادن بقي على الموقف نفسه، كان هذا إلى حد عام 1995، قبل انتقاله إلى أفغانستان».

حسب ضابط المخابرات، ومسؤول الملف الأميركي، أن الأميركيين تحدثوا عن أمرين، بعد 11 سبتمبر 2001 كذريعتين لاجتياح العراق، أولهما العلاقة مع «القاعدة»، وهي لا تتعدى ما تقدم، ويبدو أنهم أخذوا خبر بالرسالة التي بُعثت لابن لادن بوساطة«إخوان» سوريا و«إخوان» السُّودان ممثلين بحسن التُّرابي، والذَّريعة الأخرى هي وجود أسلحة دمار شامل.

القصد مما تقدم، وإنْ كان حدثاً قد مضى، لكنه يوشي بأن «الإخوان» ليسوا أبرياء مِن تفرعن السلفيات الجهادية وما فرخته مِن تنظيمات وآخرها «داعش»، فالأصل كان السَّنة 1928 وما بعدها فروع. بطبيعة الحال سينفي مَن ينفي، لكنَّ راويَ الحادثة سالم الجميلي كان بيده تواريخ الأيام والسَّاعات وأسماء الأشخاص والأمكنة، وكان يتكلم بثقة كطرف رئيس في القصة، ولأنه شخصية مخابراتية مهمة أجرى الأميركيون معه، بعد أبريل 2003، تحقيقاً استمر شهوراً.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 17-07-2015     عدد القراء :  3663       عدد التعليقات : 0