الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ثلاث صور

الصورة الاولى: العدو الخارجي

لطالما قمعت الأنظمة العربية شعوبها وأرهبتها عبر مختلف الوسائل والأساليب، واستغلت لتبرير تكميم الأفواه ذريعة «العدو الخارجي» الذي يهدد الأمن الداخلي. وجعلت دول المواجهة من «العدو الصهيوني» شماعة تعلق عليها تدابير القمع، فيما اصطنع كل من الدول الأخرى عدوا خارجيا، يتحجج به للتضييق على الحريات. لكن - والحق يقال - استطاعت الأنظمة التي درجت على التلويح بالعدو الخارجي، ان تحقق درجة من الأمن والاستقرار. وقد برع النظام الدكتاتوري المباد في ابتكار المبررات لقمع الشعب، فمرة باسم « كل شيء من اجل المعركة» ومرة باسم «ح?اسة البوابة الشرقية» وثالثة باسم التصدي لـ «العدوان الثلاثيني»، وما الى ذلك. ولم يتبدل هذا المنهج كثيراً بعد التغيير عام 2003. فعديدة هي المظاهرات التي منعت بذريعة الوضع الامني، او الخشية من استغلاله من جانب «البعث». وهكذا فُرض على المواطن السكوت والرضوخ التام والقبول بالأمر الواقع، حيث ان السلطة تحصره بين فكي ثنائية قاتلة: اما الاستسلام لخطر الإرهاب، او قبول العيش مذعنا رغم نقص الخدمات. لكن المفارقة هي انْ لا امن تحقق .. ولا خدمات توفرت!

الصورة الثانية: سلطة الفصل العشائري

من غرائب الأمور وعجائبها في بلادنا ان القائمين على إدارة السلطات يصرون على إضعاف الدولة وهيبتها. فهم ازاء الفشل الذريع في إدارة النظام السياسي، وتفشي الفساد، والعجز عن القيام بواجباتهم على وفق الإمكانات المتوفرة لهم، يسهمون في ترسيخ عجز مؤسسات الدولة في تأدية مهامها. ليس هذا وحسب، بل جعلوا من «الفصل العشائري» الذي كان من الواجب معالجة آثاره وتداعياته السلبية في المجتمع، عرفا قائما بعد ان اعتمدوه في سابقة تجاوزوا بها الأنظمة السالفة في إدارة الأزمات وحلها! ولم تكن «الدية» التي دفعت مقابل دم الشهيد الدكتور?محمد بديوي، الأخيرة في بابها. تجدر الإشارة هنا إلى عدم وجود قانون منصف لتعويض شهداء العراق. فذوو هؤلاء الشهداء يستحقون تعويضات تفوق المبالغ التي تقدم كفصل عشائري. كما تبقى ضرورة استجابة السلطات للمطالب المشروعة التي رفعها الشهداء وهم يواجهون الرصاص. فهذه الاستجابة هي الفعل الصحيح المطلوب.

الصورة الثالثة: صراع الألوان

لا يزال الصراع في بلدنا يجري على شكل ومحتوى الدولة، وعلى السلطة كمنجم للمال ومنبر للنفوذ. ويتخذ الصراع أشكالا شتى، وتستخدم فيه مختلف الأساليب، ويجري اختيار عناوين متنوعة له: نظام برلماني ام رئاسي؟ اعتماد الفدرالية ام التمسك باللامركزية؟ وهكذا. كما يدور الصراع من جانب آخر بين من يسعون لبناء دولة دينية بآليات ديمقراطية، ومن يتطلعون الى دولة مدنية ديمقراطية. وينعكس الصراع على المجتمع بصور متنوعة، فهناك من يريد ان يطبع المجتمع بلون واحد ، فيما يسعى الاتجاه الآخر الى استثمار اي فرصة لإشاعة البسمة والامل في المجتمع، بدل الكآبة والإحباط واليأس الذي يسعى الداعشيون بمختلف مشاربهم الى فرضه وترسيخه. وفي هذا السياق يصبح «بارتي بغداد» مثلا و»مهرجان الالوان» او الموقف من تحويل المرأة الى سلعة في الفصول العشائرية، عناوين للصراع في المجتمع. الصراع الذي لا بد ان يحسم عاجلا ام آجلا لصالح احد الطرفين.

لذا فان على القوى المدنية الديمقراطية ان تكون متهيأة لجولات الصراع حول محتوى وشكل الدولة، وان تقوم من اجل ذلك بحشد قواها وتنظيم صفوفها وترتيب أولوياتها.

  كتب بتأريخ :  الخميس 23-07-2015     عدد القراء :  3714       عدد التعليقات : 0