الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سؤال العبادي في البصرة

في البصرة طرح رئيس الوزراء حيدر العبادي السؤال الأهم والأخطر في القضية العراقية الراهنة.. الجواب عنه يشكّل مفتاح الحل لهذه القضية ويقود إلى الطريق المفضية إلى الخروج من النفق المظلم الذي نحن فيه الآن ولا يبدو بصيص ضوء في نهايته.

العبادي تساءل متعجباً أثناء اجتماعه إلى أعضاء مجلس محافظة البصرة التي زارها الثلاثاء: "مَنْ الذي أعطانا الحقّ لتوزيع المناصب بين الكتل؟".

هذا السؤال هو سؤال كل العراقيين تقريباً، ما انفكّوا يطرحونه على مدار الساعة للعام الثاني عشر على التوالي، بيد أن الطبقة السياسية المتنفّذة سعت على الدوام إلى تجنّب الجواب، بل لم تتورع، عبر حكومتها السابقة خصوصاً، عن الإفراط في القسوة لقمع الذين تجرأوا على النزول إلى الساحات والشوارع في 2011 و2013 وطرحوا هذا السؤال.

العديد من أفراد هذه الطبقة يرفعون الآن عقيرتهم بالقول إن ما انتهت إليه لجنة التحقيق البرلمانية بشأن سقوط الموصل في أيدي داعش هو غير دستوري. وكذا الحال بالنسبة للإجراءات التي اقترحها رئيس الوزراء في إطار خطة الإصلاح الإداري والمالي والسياسي المرفوعة إلى مجلس النواب.. كل ما يتعارض مع المصالح الشخصية والحزبية لأفراد الطبقة المتنفذة هو غير دستوري، لكن كل ما جرى من انتهاكات وخروقات فعلية واضحة وصارخة لأحكام الدستور منذ مطلع 2006، بعد إجازة الدستور في الاستفتاء العام، لم يكن كذلك بالنسبة للمتباكين على الدستور هذه الأيام.. بل إن الطبقة السياسية المتنفذة هي وليس أحداً غيرها من توافقت على وضع الدستور جانباً والعمل بنظام حكم مخالف لما قرره الدستور، هو نظام المحاصصة الذي بموجبه أعطت الطبقة السياسية المتنفذة لنفسها الحق في احتكار مناصب الدولة ووظائفها بمختلف مستوياتها ودرجاتها وتوزيعها، كما غنائم الحروب وسباياها، على عناصرها، وهم في غالبهم فاشلون وفاسدون وعديمو الكفاءة والخبرة والوطنية، ما تسبّب في حرمان عشرات الآلاف من الكفاءات الوطنية النزيهة من أن يكون لها دور في الحياة العامة وفي بناء الدولة ومواجهة الارهاب، وهذا بالذات ما كان من الأسباب الرئيسة لكل الخراب القائم الآن وفي تفاقم الإرهاب وبلوغه الذروة في احتلال ثلث مساحة البلاد.

انتهاك الدستور هو الذي أعطاكم – السيد العبادي- الحقّ في توزيع المناصب بين الكتل وأحزابها، فالدستور في كل مواده المئة والاثنتين وأربعين لم يحكم مباشرة أو مداورة بأن يكون، مثلاً، رئيس الجمهورية كردياً ورئيس الوزراء شيعياً ورئيس مجلس النواب سنياً، وأن تُوزّع بالنسق نفسه مناصب نواب الرؤساء والوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء وأعضاء مجالس الهيئات "المستقلة" والمدراء العامين وقادة الجيش والشرطة والأمن، وأن تحتكر الأحزاب السياسية الشيعية والسنية والكردية، وهي بمجموعها لا تمثّل حتى 40 بالمئة من الشعب العراقي، كما تفيد معطيات كل الانتخابات التي جرت منذ 2006 حتى الآن.. أن تحتكر هذه الأحزاب المناصب والوظائف وتوزّعها على عناصرها حصراً حقاً وباطلاً بشهادات دراسية ووثائق رسمية مزورة في الآلاف من الحالات.

والآن بعدما عُرِفَ السبب – السيد العبادي - هل يبطل العجب؟ .. متى؟

  كتب بتأريخ :  الخميس 20-08-2015     عدد القراء :  2229       عدد التعليقات : 0