الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تحت سطح الحرية

خلقت التظاهرات مناخا جديدا، وحرّضت الكثير من البغداديين أن ينتبذوا ساحة التحرير لرفع شعارات يعتقدون صوابها وأن لهم الحق في قول ما يشاءون. فهذا شاب لا يشعر بالبطر وهو يرفع لافتة «نطالب قناة MBC2 بعرض أفلام جديدة»، وذاك شاب جعل كارتونته لسان حاله: «شاب عراقي أبحث عن مطلقة برلمانية لأن راتبها توب». وآخر متفرجا حانقا يرفع لافتة «من سياستكم الطائفية، فقدت حبيبتي، ذنبنا أنا شيعي وهي سنية». وبعد اسبوع جاء متظاهرا ناقما يرفع «بعد رحيل الطائفية معكم، سأتزوج من حبيبتي السنية». وآخر بحسرة ظاهرة يرفع لافتته «أريد أصدقائي منكم، اللي بسبب فسادكم هاجروا.. إرحلوا». وآخر أجاز لنفسه أن يرفع لافتة بإسم الدفان علي العمية «كان بامكاني أن أدفن جميع السياسيين، لكن تركت بعضهم لتعرفوا لماذا كنت أدفنهم» ويكملها «إدعوا له بالرزق الحلال»، في أبهى صورة للكوميديا السوداء.

ولكن هذه (السوداء) تغادر (الكوميديا) لتحل محلها (الرومانسية) الشفيفة حين نرى متظاهرة تستهجن غلاظة أولي الأمر بلافتتها الرقيقة (الحكومة لا تعرف الحبّ). وغير بعيد يقف شاب ولهان ويرفع ورقته المخطوطة «الحب مثل الكهرباء التي عندما تنطفئ تترك أثراً عميقا». وجنبه ترى زميله يرفع «في سكون الليل كتبتُ لها «أحبك» ولكنها لم تقرأها لأن الكهرباء مطفية»، وتشعر بالقوة حين ترى أعدادا من المكفوفين تجذبهم هالة الساحة فيقصدونها محتجين. وفي جمعة أخرى يغار منهم الصم البكم فيدخلونها متظاهرين ورافعين لافتة تؤنب السلطات الثلاث «نحن صم وبكم من الله، لماذا انتم مثلنا؟».

وعلى هامش الساحة ترى من أغلق باب محله وكتب قطعة تقول «المحل مغلق، رايح للمظاهرة»، وترى سائقا كتب على الجامة الخلفية لسيارته «نقل المتظاهرين مجانا - أبو السايبا ينتفض- ، وصاحب محل فلكسات يرفع لافتة كبيرة على محله «طباعة لافتات المتظاهرين مجانا».

وساحة التحرير ليست وحدها التي تقع تحت نصب الحرية، فثمة ساحة الأمة التي تمتلئ كلّ مرة عن بكرة أبيها وأمها. ومن بين الكثرة الكاثرة من المزدحمين الجالسين، تجد متظاهرين من نوع آخر، فهذا يلتقط نفسا، وذاك يتناقش حول الوضع الساخن، وثالث ورابع وعاشر..

ولكن تبقى لمة الفنان ستار الناصر هي الأحلى، لا سيما حينما يعزف على عوده ويغني مع فرقته، فيتجاوب معه العشرات على شكل حلقات وهم يرددون مطربين:

عمي يل بالتحرير.. خذني خذني وياك

ذبني بساحة التحرير.. حلوة وگفتي هناك

ولكن الأكثر فرحا ومرحا ونشوة بالتظاهرات كان «بهلول». فقد صوّر الفنان سلمان عبد قرارات الإصلاح الأخيرة بأنها تشبه «جدر بهلول» حيث تشتعل قطعتان خشبيتان صغيرتان على الأرض، فيما كومة الإصلاحات محشورة في الجدر الذي هو ليس على النار .. بل على سطح الدار!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 26-08-2015     عدد القراء :  2895       عدد التعليقات : 0