الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
على نفسها جنت براقش.. في العراق!

المغتاظون من المظاهرات المتواصلة للأسبوع الرابع على التوالي، والمفزوعون من الإصلاحات التي بدأها رئيس الوزراء منذ أسبوعين، وهم غير قليلين، لا ينبغي لهم أن يلوموا أحداً غير أنفسهم، فهم ممن ينطبق عليهم المثل السائر: على أهلها (أو نفسها) جنت براقش.

هؤلاء المغتاظون والمفزوعون هم في الغالب من القادة وكبار المسؤولين في الأحزاب والقوى المتنفذة في السلطة ومن بطاناتهم. وهذه الأحزاب والقوى هي في الغالب إسلامية، شيعية وسنية. وهم جميعاً يتّخذون موقف المناهضة والمعارضة حيال المظاهرات وحركة الإصلاحات لأنهم يدركون أنها تستهدفهم ونظام الحكم الشاذ الذي أوجدوه وتمسّكوا به برغم عواقبه الوخيمة، ولم يرغبوا في أن يستمعوا إلى النصائح المقدمة لهم بأن يرعووا ويمشوا في جادة الصواب، وتعاملوا معنا، نحن ناصحوهم ونقّاد سياساتهم الفاشلة وسلوكياتهم غير السوية، بكراهية.

بدل المرة والمرتين قلنا لهم وأعدنا القول مئات المرات أن العملية السياسية التي صمّموها غير صحيحة وغير سليمة، عرجاء وعوجاء ووصلت إلى طريق مسدودة ودخلت في نفق لا ضوء في نهايته، ويقتضي الأمر إعادة النظر فيها جذرياً.. ولم يأبهوا بما قلناه!

مئات المرات قلنا لهم أنه يتعيّن إجراء التعديلات الدستورية التي ألزمهم بها الدستور الذي صاغوه بأنفسهم، ويتوجب تشريع قوانين بناء الدولة (قانون الأحزاب، قانون النقابات، قانون النفط والغاز، قانون مجلس الاتحاد، قانون المحكمة الاتحادية، وسواها) .. ولم يأبهوا!

قلنا لهم مئات المرات إن نظام المحاصصة الذي أوجدوه خلافاً لأحكام الدستور واستحوذوا بموجبه من دون وجه حق على المال والسلطة والنفوذ، هو الأساس في خراب الدولة والمجتمع نتيجة لتفشي الفساد الإداري والمالي الذي وفّر له الحماية هذا النظام الفاسد.. ولم يأبهوا!

قلنا لهم مئات المرات أن نظام المحاصصة هذا جعهلم يُسندون مناصب الدولة ووظائفها العليا والدنيا إلى عناصر متملقة، فاسدة، غير كفئة، غير مهنية، زوّرت الشهادات والوثائق لتزيح الكفاءات الوطنية الخبيرة والنزيهة من مواقعها، فلم يسمعوا، بل إن بعضهم راح يعاند ويوسع نطاق إسناد الوظائف والمناصب، بما فيها وظائف أهم الأجهزة العسكرية والأمنية، إلى الفاسدين وفلول نظام صدام من أرباب السوابق في القمع والقتل من عناصر الأمن والمخابرات الصدامية، وان هذا البعض أخرج من مكبّات النفايات مدّاحي صدام وأغدق عليهم بأموال السحت الحرام ليقوموا بالمهمة القذرة نفسها: صناعة الدكتاتور... ولم يأبهوا!

قلنا لهم إن نظام المحاصصة هذا يُبالغ في مكافأة سيئي السيرة والسلوك من الفاسدين، ويبالغ في تهميش الوطنيين الشرفاء النزيهين من ذوي الكفاءات وفي إهانتهم والتجاوز على كرامتهم.. ولم يأبهوا!

ومئات المرات قلنا لهم ان النظام الانتخابي الذي توافقوا عليه لا يحقق ما ابتغاه الدستور بجعل نظام الحكم ديمقراطياً برلمانياً، وأنه لابدّ من تشريع قانون جديد للانتخابات يمكّن الناس من انتخاب ممثليهم الحقيقيين إلى البرلمان ومجالس المحافظات، وان الحاجة تمسّ أيضاً إلى إعادة تشكيل مفوضية الإنتخابات لتكون مستقلة ونزيهة لا يأتمر مسؤولوها وموظفوها بأوامر الأحزاب والقوى المتنفذة التي تعيّنهم، وكذا الحال بالنسبة لسائر الهيئات "المستقلة" غير المستقلة... ولم يأبهوا!

قلنا لهم مئات المرات إن فَسَدتهم أفرطوا في غيّهم وتكبّرهم وتجبّرهم وفسادهم، وإنهم يثيرون النقمة على أحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم وقياداتها.. ولم يأبهوا!

وقلنا لهم أيضاً مئات المرات ان الفساد اخترق السلطة القضائية وهذا إيذان بخراب عميم ودمار مقيم .. ولم يأبهوا!

قلنا لهم: استمعوا إلينا، ولا تأخذكم العزة بالإثم، ولا تغرنّكم السلطة فلو دامت لغيركم ما اتصلت إليكم.. ولم يسمعوا ولم يأبهوا، فاستحقوا أن يجري لهم ما يجري الآن من نقمة عامة شاملة عليهم وعلى أحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم ... فعلى نفسها وأهلها جنت براقش.

هل يأبهوا ويرعووا هذه المرة؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 26-08-2015     عدد القراء :  2355       عدد التعليقات : 0