الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كيف يفترض مواجهة القوى المناهضة للإصلاح؟

   حين صدرت الحزمة الأولى من الإصلاحات التي طالبت بها أوساط واسعة من الشعب وأيدتها المرجعية الدينية الشيعية واعتمدها رئيس الوزراء، أصيبت كل القوى المناهضة للتغيير بضربة شديدة على يافوخها فطار صوابها وارتعبت من العواقب الرفض، فأيدت دون تحفظ كبير الإصلاحات، فصدرت موافقات من جميع الأحزاب والقوى، كما صادق عليها مجلس النواب بالإجماع. بعضها متحقق مباشرة، كإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وإلغاء أو دمج بعض الوزارات. ولكن لم تكن حركة الحكومة بالسرعة المطلوبة لتنفيذ بقية القرارات وإصدار وتنفيذ الحزم الثانية والثالثة والرابعة .. من العملية الإصلاحية، فتعثر تنفيذ إصلاح وتطهير القضاء العراقي وإبعاد المعرقلين لإصلاح السلطة القضائية. فأعطى بطء التنفيذ والقلق إزاء إصدار المزيد من الإجراءات فرصة للقوى المناهضة للعملية الإصلاحية في استعادة صوابها المفقود، وبدأت تمارس لعبة التأييد والمناهضة (مع ولكن..)، بل برز تحدٍ من بعض الكتل والعناصر لهذه العملية وأساء البعض الآخر لها بأساليب شتى، نشير إلى بعضهم: أسامة النجيفي، أياد علاوي، نوري المالكي، وأغلب أعضاء قائمة دولة القانون وبعض مسؤولي الميليشيات الطائفية المسلحة وبعض القوى بإقليم كردستان العراق... وإزاء هذا الوضع القلق خرجت مظاهرات يوم 21 آب/أغسطس 2015 لتؤكد شعاراتها الأساسية وتطالب بإصلاح القضاء فوراً ليمارس دوره الفعلي في محاسبة الفاسدين والمفسدين والمسؤولين عن كوارث العراق الكثيرة، وخاصة كارثة الموصل، إضافة إلى المطالبة بتحقيق بقية الإصلاحات الضرورية والمهمة التي بدونها لا يمكن الحديث عن عملية إصلاح الأوضاع بالعراق.

   وحالاً أدركت المرجعية الدينية الشيعية بحس جديد صواب هذه المظاهرات وأهمية الشعارات التي طرحتها وطالبت بالإسراع بتنفيذها، فكانت الرسالة الجديدة للسيد علي السيساتي إلى السيد رئيس الوزراء التي أكد فيها: أن تعثر العملية الإصلاحية الجذرية وعدم المضي قدماً في تنفيذها سيؤدي إلى تقسيم العراق. فهل هناك تحذير أشد قوة من هذا التحذير، خاصة وإن المرجعية تتابع تحركات بعض العناصر الطائفية المقيتة الذي قاد البلاد بعقلية طائفية تدميرية واستبدادية جلبت للعراق الكوارث، وما يزال هذا البعض يتحرك وبدعم كبير من قوى أجنبية جارة للعراق وتريد إسقاط عملية الإصلاح وإعادة من رفضه الشعب وأزاحه عن طريق الإصلاح. وسيكون ذلك كارثة كبرى وذات عواقب أوخم بكثير مما حصل حتى الآن على الشعب العراقي بكل قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه واتجاهات الفكرية والسياسية غير العنصرية وغير الطائفية، كما سيكون ذلك توجهاً صارخاً صوب تقسيم العراق.

   يتحمل السيد العبادي مسؤولة الاستماع لصوت الشعب، صوت العقل، ويعجل بإجراءاته ويستند إلى الدستور العراق الذي يرفض الطائفية والمحاصصة الطائفية ويطالب بمحاربة الفساد والإرهاب والعنف. إن النجاح في العملية الإصلاحية تستوجب البدء بالرؤوس العفنة المريضة التي داست على كرامة الإنسان العراقي التي ما تزال تحتل مواقع مهمة في الدولة وسلطاتها الثلاث وفي الأحزاب الحاكمة، وهي التي تمنح أعداء الإصلاح قوة التحرك باعتبار إن الحكم يخشى التحرش بهم وتقديمهم للعدالة.

   إن ملاحقة الهاربين من العراق أمر مهم وضروري، ولكن الأهم منه حالياً هو ملاحقة من هم في الداخل ويتآمرون بحيوية ضد العملية الإصلاحية الجارية وعلى وجود العبادي على رأس السلطة التنفيذية. إن على العبادي أن يستلهم من تجارب الماضي، إذ لا إصلاح دون إصلاح القضاء، بما في ذلك الإدعاء العام، وأن لا إصلاح دون قطع دابر الفاسدين والمفسدين الذين ما زالوا يحتلون مواقعهم وكأنهم غير فاسدين وغير مسؤولين عما جرى ويجري بالبلاد. إنهم أعداء الشعب وأعداء الإصلاح والتغيير.

   إن الحزم والصرامة والإصرار على ممارسة إرادة الشعب المطالبة بالإصلاح والتغيير وتنفيذ السياسات والإجراءات الإصلاحية هي التي يفترض أن تتميز بها ممارسات السيد العبادي ومجموعة المستشارين التي يفترض أن تكون على مستوى المسؤولية وتقدم النصح المطلوب له في مثل هذه الظروف العصيبة لمساعدته في امتلاك الشجاعة والحيوية لتنفيذ السياسات والإجراءات الإصلاحية بسرعة ودون إبطاء، إذ إن أي إبطاء يدفع باتجاه الانتكاس وإيذاء الشعب أكثر من السابق، إذ أن المناهضين للإصلاح سيندفعون بشراسة للانتقام منه ومن الشعب الذي يطالب بالتغيير.

   إن العراق في سباق مع الزمن، فهل سيتلكأ رئيس الوزراء أم سيمتلك الشجاعة الكافية ليتخذ القرارات المطلوبة وبسرعة. إن الإجراءات التي اتخذها حتى الآن تؤكد شجاعته وإدراكه لضرورة الإصلاح، ولكنه بحاجة إلى تسريع العملية قبل فوات الأوان!

 

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 26-08-2015     عدد القراء :  2946       عدد التعليقات : 0