الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
منظومة كتل المحاصصة.. وحدة وصراع الاضداد!!

سلك نظام الكتل الحاكمة في العراق منذ سقوط سلفه الدكتاتوري السابق في 9 / 4 /2003 سياسة " الشوارع الخلفية " التي لا يسلكها سوى الذين يتهربون من سطوة القانون، جراء افعالهم المحرمة، والانكى من ذلك انهم من سن هذه القوانين النافذة في البلد اليوم. ولكنهم دأبوا على لي عنقها ليجعلوا منها حامية لبقائهم يعيثون فساداً دون حسيب. واوضح مثال على ذلك هو، عندما زحفت الجماهير المنتفضة، واجبرت رئيس الوزراء "العبادي" على الاستجابة لتلبية مطاليبها. سرعان ما وجدت هذه الزمر، الملاذ الذي يقيها من " شرار " الهبة الجماهيرية وذلك باشهار سلاح الدستور نافضة عنه غبار السنين الثلاثة عشر الماضية حيث كانت ركنته على الرفوف العالية، الا ما ندر وحينما تجد فيه ما يحول دون تعرض كراسيها السلطوية الى هزة اوخطر داهم تتم الاستجارة بالدستور!!.

مما لاشك فيه ان هذه الكتل الحاكمة تفتقر الى التجانس من حيث خلفياتها الفكرية والسياسية والمذهبية التي تقمصتها للتستر ليس الا، غير انها تتماهى وتتوازى مع بعضها في أن معاً، وتسخر اقصى ما تمتلك من جهد في سبيل الدفاع عن مصالحها الطبقية المتجانسة حقاً. اما ازدواجية التنافس والتناغم وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، نراها عندما ذهب بعض قادة " هيئة الحشد الشعبي" لدعم " مدحت المحمود" !!!، سرعان ما بادرت كتلة "اتحاد القوى" لتتخذ موقفاً مماثلاً بزيارة داعمة لرئيس القضاء !!. ومما ينبغي ذكره ايضاً، فعلى اثر خطوة رئيس الوزراء السيد العبادي الاصلاحية، قام رئيس البرلمان بخطوة متوازية تمثلت بطرح ورقة اصلاحات سماها بـ"الورقة البرلمانية" وفي ذات السياق جاءت زيارته ايضاً الى قطر للاشتراك بمؤتمر { سني } بهدف التماثل والتنافس ايضاً مع حضور مؤتمر { شيعي } في طهران من قبل وفد من "التحالف الوطني" بمشاركة المالكي وهلمجرا.

من قراءة فاحصة لمنظومة الحكم، تتجسم امام الشعب العراقي "بانوراما" ادق ما توصف به هي " وحدة وصراع الاضداد " هذه الحالة لم يكتب لها التاريخ يوماً بأنها استدامت طويلاً، ولم تنته دون تغلب حالة الصراع نحو تفكك وحدة الامر الواقع. ان ضغط التظاهرات جعل الكتل الحاكمة تتمترس خلف الدستور، وكما يبدو، وعلى اثر ذلك قد جمدت حركة رئيس الوزراء بذريعة عدم تجاوز القوانين المرعية، ومُنع من ممارسة صلاحياته كرئيس للوزراء حيال ما كان ينوي القيام به من اصلاحات تحديداً خشية من ان تطال مصالح هذه الكتل، وباثر ذلك، غلبت على تصريحات "العبادي " حالة من الرطانة المبهمة والتي تقترب من حمالة الاوجه. فهو تراه يطلب التفويض لتغيير الدستور ومن ثم يقول بانه يلتزم بقواعد الدستورية لتغييره!!. اذن لماذا التفويض الذي يعني اخذ الشرعية من الشعب مباشرة لتجميد الدستور المعمول به، وتشكيل لجنة دستورية بقرار رئاسي لاعادة تشكيله، والشيء بالشيء يذكر .امامنا التجربة المصرية الحية، فيحنما حصل الرئيس "السيسي" على التفويض من الشعب المصري غير الدستور بايام محدودات دون عناء يذكر.

ان الحالة التي اعترت السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي ليست جديدة على الساسة المتصدرين للحكم اليوم ، هي حالة شاملة تعم الكتل الحاكمة، ومن الاهمية بمكان فضح ازدواجية النهج السياسي، الذي تتبناه هذه الكتل المتنفذة، فهي لم تتوان عن التنصل من الطائفية وهي تمارس اشد صنوف الطائفية، ثم تذم المحاصصة وهي غارقة في اعماق المحاصصة المقيتة، وتدعي التديّن وتمارس كل ما يحرمه الدين الاسلامي، وتستنكر التدخلات الخارجية، وهي لم تتمكن من معالجة اصغر مشكلة داخلية الا وهرولت الى دول الجوار طلباً للتدخل في شؤون البلد الداخلية، وتعلن انها تحارب الفساد وهي فاسدة حتى النخاع، بل وتشرع للفساد المالي والاداري. وتدعي الديمقراطية وتمارس التجاوز الفظ على الحقوق العامة والخاصة. وافضع مثال هو التزييف والتزوير في الانتخابات البرلمانية. انها سياسة { التقيّة } التي تؤمن بها " ولاية الفقيه " ، وهنا الطامة الكبرى.

لقد تبددت كافة ذرائع الكتل السياسية لمعارضة الاصلاحات التي ينوي السيد رئيس الوزراء القيام بها، الا انها وجدت ضالتها ،لتؤكد اعتراضاتها بحجة واهية، الا وهي، بان العبادي لم يشركها او يأخذ رأيها مسبقاً في خطواته الاصلاحية. غافلة و متناسية بأن رئيس الوزراء قد استشار ممثلي الشعب في مجلس النواب الذين ايدوه وصوتوا بالاجماع على قراراته. فهل ان استشارة روؤساء الكتل اكثر شرعية من استشارة ممثلي الشعب "النواب"؟، بصرف النظر عن المأخذ المسجلة ضدهم. مع ذلك قد امسى السيد العبادي مشلولاً لا يقوى على كسر قيوده الحزبية و الكتلوية، وبالتالي الانطلاق مع مسيرة الشعب الاصلاحية. ولكن عنفوان الزحف الجماهيري هو المعول علية لتحقيق الاصلاحات المطلوبة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 09-09-2015     عدد القراء :  3690       عدد التعليقات : 0