الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حوار هادئ مع السيد المالكي (1) من يسيئ للدين ورموزه ورجاله؟

قدر لي، وانا اتابع احداث العراق على احدى القنوات (الشرقية نيوز) ان أرى مقطعا من حديث للسيد المالكي (يبدو انه قفز صدفة بين الأخبار، لأن القناة لم تقدم له، ولا اشارت الى زمان ومكان الإدلاء به).

يأخذ السيد المالكي على المتظاهرين تعرضهم للدين ورجاله (التعريض بـ"العمايم" على حد وصفه) ليخرج بإستنتاج ان الحراك الشعبي لا علاقة له بالإحتجاج على الإفتقار الى الخدمات والمطالب الأخرى انما تحركه دوافع ايدلوجية- سياسية.

ومع انه لم يحدد" الجهة والجهات" التي تحرك هذه الدوافع، اذ لم يقدر لي، بالأحرى لم تكمل القناة بقية الحديث، فسأسهل على السيد المالكي مهمته، اي الإفصاح عن الجهة التي يضمر توجيه الإتهام لها بالإساءة الى الدين ورموزه ورجاله، اي الشيوعيين واصدقائهم!

فما هو نصيب هذا الإتهامات من الصحة؟

تثير هذه الإتهامات جملة من المسائل التي ينبغي التوقف عندها ومناقشتها بشكل هادئ، من دون سوق الإتهامات بلا دليل.

من السهل، مثلا، اتهام السيد المالكي انه يستعير من ترسانة سائر اعداء الشعب ومطالبه ونضالاته العادلة، بدءا من نوري السعيد، وأسياده والآخرين من اعداء الشيوعية، الذين تعاقبوا على سدة الحكم، وعلى رأسهم صدام حسين ونظامه المقبور، يستعير منهم سلاح العداء للشيوعية، لتبرير موقفه من الحراك الشعبي ومطالبه العادلة.

ينبغي الإعتراف انه حدثت، هنا وهناك (وقد تكون من تدبير بعض المندسين للإساءة للحراك الشعبي ومطالبه العادلة، او ممن اشتطوا في المبالغة) لكنها لا تعكس، بحال من الأحوال، موقف الشيوعيين من الدين ورموزه ورجاله.

لكن، بالمقابل، فقد رفعت، وتردّدت شعارات تندّد بإساءة استخدام الدين من قبيل "باسم الدين باكَونا الحرامية"، وهذا الشعار الصحيح لا ينطلق من العداء للدين، بل من العداء لمن يسيئ الى الدين، للتستر على نوازعه الأنانية التي لا علاقة لها بالدين، بل هي، في جوهرها، منافية للدين. فلا نحسب ان الدين يبرّر نهب المال العام وغير ذلك من الجرائم، اللهم الا اذا كان السيد المالكي يعتبر ان النهب والتجاوز على المال العام هو من صميم الدين (دينه). واستشهد متظاهرون على ذلك بإستشراء الفساد في زمانه، وعدم ملاحقته لرموزه المعروفين، وبينهم من هرب من تحت انفه، ومن سهّلت السلطات التي يرأسها السيد المالكي هروبه.

من حق الكثير من المتظاهرين ان يتوقفوا عند الهوية السياسية لبعض ابرز رموز الفساد، على كل الصعد، بدءاً من اعلى موقع، حتى المحافظين وبعض اعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي الخ... ممن تحوم حولهم شبهات الفساد والتربح من المنصب وإساءة استخدام السلطة، اولئك الذن يتهاوون الواحدًا تلوالآخر امام عاصفة الغضب الشعبي، لنتساءل: كم واحد منهم كان عضوا في الحزب (الذي كان، وما يزال السيد المالكي متشبثا بقيادته) بل حتى عضواً في قيادته. وأي اجراء انضباطي اتخذ بحقه، دعك عن الإجراءات القانونية، وبعضهم هارب ومطلوب للعدالة. وينطبق الأمرعلى بعض احزاب الإسلام السياسي الأخرى..

أ ليس هؤلاء، ومن تستر عليهم وسهّل لهم، هم، وليس الشيوعيين وأصدقاءهم، هم من يسيئ الى الدين ورموزه ورجاله؟ اما كان حريّاً بالسيد المالكي ان يطرح على نفسه هذا التساؤل بدلا من ان ينساق الى اتهام الآخرين، بينهم الشيوعين، من دون مبرر؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 09-09-2015     عدد القراء :  3360       عدد التعليقات : 0