الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حوار هادئ مع السيد المالكي(3) الموقف النفعي من الدين ورموزه ورجالاته: المالكي نموذجاً

تولى السيد المالكي منصب رئاسة الوزراء في ظروف معلومة، تميزت بتعقيد بالغ، بسبب ازمة وزارية نشأت عن عجز السيد الجعفري مواصلة ترؤس الوزارة، لموقف التحالف الكردستاني منه، فضلا عن تخبطه وتناقض وغموض تصريحاته، وخطبه، التي قد يمكن السكوت عنها وتمريرها في مجلس خاص، ولا يمكن القبول ان تصدر عن رجل دولة. في هذه الظروف تسنم السيد المالكي، منصب رئاسة الوزراء، "غير مصدق" ان الصدفة كانت كريمة معه الى هذا الحد! (من حديث خاص مع احد المشاركين في "الطبخة").

كان احد شروط الطبخة وطباخها ان يقف السيد المالكي موقفا حازما من نشاط احدى المليشيات التي سببت "وجع راس" للأمريكان، وهدّدت بنسف "العملية السياسية"، وأرادت ان تزايد على المرجعية.

ومع ان السيد المالكي تردد، في البداية، والحقيقة ينبغي ان تقال، في تنفيذ هذه المهمة، الا انه، ربما تحت الضغط، او لانتهاز الفرصة لتوطيد سلطته الشخصية، او للسببين معا، اعاد النظرفي حساباته، واطلق ما يسمى بـ"صولة القانون".

حققت"صولة القانون" بعض النجاح، لم يُصَفّ نشاط المليشيا المعنية، ولعله لم يكن مطلوبا ولا مرغوبا فيه، من اوساط عديدة ، بينها "الجارة الكبيرة" لحسابات تتعلق بامكان الإستفادة منها مستقبلا، لم تجر تصفية هذه المليشيا، بل تقليم اظافرها.

وهكذا تحقق قدر من الإستقرار، كان يمكن استثماره لترسيخ وتطوير" العملية الساسية" وخلق المناخات المناسبة لإطلاق عملية اعادة اعمار شاملة لمصلحة الأكثرية الغالبة من الناس. ويبد وان هذا ما راهنت عليه بعض القوى، منطلقة من التمنيات، اومن سوء التقدير، او الأتين معا.

الا انه يبدو انه كان للسيد المالكي حسابات اخرى...

فبدل العمل على ترسيخ وتطوير العملية السياسية، التي كانت بدأت تعرج، كرس الكثير من الوقت والمال والتآمر لزرع الشقاق واضعاف من اعتبرهم خصومه بينما كان في وضع يسمح له بفتح حوار جدي معهم وتكوين تحالف وطني عريض.

وبدل ان يعمل على اعادة بناء الجهاز الحكومي والقوات المسلحة على اسس علمية، عصرية، وزّع المناصب الكبرى والعليا، وحتى الدنيا، على اقاربه وانصاره ومحازبيه. وجرى اغراق الجهاز الحكومي بهم، عاملين و"فضائيين"، ما ارهق ميزانية الدولة وما يزال

ومحل اطلاق عملية اعمار حقيقية كان العراق بأمس الحاجة اليها، انطلقت في عهده اكبر عملية للنهب واللصوصية والرشوة لم يشهد لها تاريخ العراق، وربما العالم، مثيلا.

وجرت، في عهده اكبر عملية لتزوير الإنتخابات وتكوين تحالفات اللحظة الأخيرة ولَيّ القوانين، للفوز برئاسة الوزراء، يساعده في ذلك خياط (ترزي كما يسميه الأخوة المصريون) احترف اصدار وتفسير القوانين على مقاس الحاكم وبما يناسبه، بدءا من صدام حسين ثم المالكي وما يزال ينتظر لعل العمر يطول به ليكون في خدمة حاكم مستبد ربما تجري تهيئته.

تحول المالكي الى حاكم مستبد، لا يسمع، كأي حاكم مستبد، إلا لصوته، وصدى صوته (صوت سيده!)

احست المرجعية بخطر هذا النهج على الحكم الذي يَنْسِب نفسه الى الشيعة ويدعي انه انما يمثل سلطتهم، ويسعى الى تدعيمها، فيما لا يسعى، في الواقع، الا الى تدعيم سلطته الشخصية، احست بخطر هذا النهج الذي لا يضر بالشيعة فقط، بل بالعراق وسائر العراقيين.

ساقت التنبيه تلو التنبيه، والتحذير تلو التحذير، بوسائلها الخاصة، ثم علنا، عبر الناطقين باسمها على المنابر. ولم يقصر سائر الحريصين على مصلحة العراق وشعبه، عن اتخاذ مواقف مشابهة. لكن المالكي تعالى على الجميع، بمن فيهم المرجعية، التي بعد ان فقدت الأمل في ان يسمع المالكي، سدّت الباب بوجهه، وبوجه بطانته من النفعيين والمنتفعين.

حتى جاء زلزال سقوط الموصل، وما تلاه من زلازل وكوارث، فاهتز الكثير من الكراسي، وفي مقدمها كرسي المالكي الذي كاد يتحول الى مليك، لم يكن ينقصه غير التاج.

ما تلا ذلك بات معروفا، وكان متوقعا...

وبدل ان يتنحى المالكي طوعا، راح يتخبط، ويتهم الجميع بالتآمر عليه، بمن في ذلك المرجعية! يشاركه في ذلك بعض المحسوبين عليه ممن ولاّهم هذا المنصب المليشياوي اوذاك، من "باب الإحتياط"! او صعدوا، بنفوذه ودعمه واموال الشعب المنهوبة، الى مجلس النواب.

واكثر ما يثير الإهتمام، بل التعجب، هو زعل المالكي على المرجعية (زعل العصفور على بيدر الدخن!) حد التهديد، علنا، بفضح تورط انجال المراجع (المقصود المرجعية الرشيدة) في اعمال منافية للقانون! الأمر الذي ارتد عليه. فاذا كان ذلك صحيحا، فلماذا، وهو كان على رأس اعلى سلطة تنفيذية، لم يقم بواجبه فيحيل الأمر الى القضاء؟ لماذا يلوح الآن بهذا الأمر؟ للأِبتزاز؟ انه امر معيب، اخلاقيا، وقانونيا، يجسد تجسيدا نموذحيا، الموقف النفعي لسياسي ظلّ يسوّق نفسه وما يزال! باعتباره فارس الدين والطائفة والمذهب.

هكذ تحول"ابن المرجعية البار" كما كان يصور نفسه، الى ولد عاق، و"مختار العصر" الى ادنى من مختار ميليشيات متمرِّسة بالترويع والخطف والأِبتزاز تمتد خيوطها الى الخارج.

وهوموقع لا يحسد عليه، بالتأكيد، السيد المالكي، وما كنا نتمناه له، لكن يبدو ان رياح الثروة والسلطة كانت اقوى، حتى من الوازع الديني والمذهبي، فضلا عن الأخلاقي والوطني.

  كتب بتأريخ :  السبت 12-09-2015     عدد القراء :  2973       عدد التعليقات : 0