الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التحالف الرباعي\": ما له وما عليه(3)

"مواقف متحركة... رمال متحركة

يكاد يبدو المشهد العراقي ومواقف المتحالفين/ المتصارعين على حلبته، اشبه بالرقص فوق رمال متحركة، فما كان يبدو، من وجهة نظر البعض، صحيحا، فيما يعتبره البعض الآخر خاطئا. بل يذهب طرف منهم الى حد تخوين الآخر، لكنهم سرعان ما يتبادل المتحالفون/المتخاصمون المواقع، فيصبح ما كان خاطئاً، صحيحا مبرّراَ، وبالعكس...

يناقش بعض المعارضين، او المتحفظين، على التحالف الرباعي انه يرجح كفة ضد كفة، ويخل بالتوازن الداخلي لمصلحة طرف الشيعة ضد السنة الطرف الآخر (مؤسف ان يضطر المرء لإستخدام مصطلحات باتت شائعة، متداولة في الأدب السياسي، مع انها تفتقر الى الدقة. فلا الذين ينصّبون انفسهم ممثلين للشيعة هم حقا كذلك، وينطبق الأمر على الطرف الآخر).

وهم، اي اصحاب هذا الرأي، يستندون في ذلك الى ان طرفين من اطراف التحالف، اي بشار الأسد ونظامه، وهو يمثل الشيعة (العلويين) يخوضون المعركة، بدعم من ايران (الشيعية)، ضد اطراف المعارضة الأخرى، وهي بأغلبها، متطرفين وارهابيين ومعتدلين يمكن احتسابها، من وجهة نظرهم، على الطرف الآخر (السنة).

و برغم ما في المشهد السياسي السوري من تشابك وتعقيد، ليس هنا مجال الخوض فيه، هو في ذلك، لا يقل تشابكا وتعقيدا عن المشهد العراقي، ان لم يفقه. فلا بشار الأسد  يدافع عن الشيعة العلويين، اذ تمتلئ سجونه بالمئات من المعارضين العلويين، هذا عدا المئات الذين تمت تصفيتهم، بل يدافع عن تسلطه وتسلط اسرته والمستفيدين من نظامه، على الشعب السوري سنة وشيعة وقوميات وطوائف اخرى.

كذلك الأمر فيما يتعلق بـ"المعارضة" فهي من التنوع والتشتت مما يصعب متابعة تحركه. ورغم ان النظام السوري وحلفاءه، يحاولون ان يضعوا الجميع في سلة واحدة، الا انه من المعروف ان جبهة النصرة (القاعدة) ووريثتها داعش انما تربت في كنف النظام السوري، وصدّرت لنا من المتفجرات، بما فيها البشرية، ما لا يحصى. هذا في الوقت الذي كانت فيه سورية كعبة وملاذا للذين يعترضون، الآن، على مشاركة سورية في التحالف، وكان التحالف السوري – الإيراني، منذ ذلك، بل قبل ذلك، على اشده. ولا يعقل ان ايران لم تكن تعلم بدور النظام السوري في حماية وتصدير الإرهاب الى العراق، الأمر الذي دفع ثمنه العراق، بلدا وشعبا.

فما عدا مما بدا؟ يقال ان الوضع اختلف الآن، وان ما جرى كان المقصود به "ازعاج" الأميركان. لكن كم خسر الأميركان، بضعة آلاف؟ كم خسر العراق، كم مائة الف؟ ولا يزال..

مرة اخرى، ما عدا مما بدا؟

هذا التساؤل مطروح امام الطرفين، المعارض للتحالف والمتحمس له.

هذا ما اقصده بتبادل المواقف، بتحركها من النقيض الى النقيض على رمال متحركة، تحركا خطرا، يكاد يبتلع المتحركين، لكن، قبل كل شيء الناس!

وعندما يتوقف المتحاججون طويلا عند ايران، التي اصبحت، عقدة الموقف، يسارع المتحمسون للتحالف الى القول ان دور ايران في سوريا لا يتعدى دعم النظام الشرعي، لان اسقاط النظام سيفتح الباب امام الفوضى ويستشهدون على ذلك بتجربة ليبيا. لكن الحجة لا تعدم المعارضين، فهم يستشهدون بما يدور الآن في اليمن عندما شجعت ايران الحوثيين (الزيديين- طائفة شيعية -)على الإنقلاب على الشرعية هناك، ملمحين الى ان وراء دعم الحوثيين رغبة ايران في السيطرة على باب المندب، والإقتراب من الحدود السعودية، مذكرين بالصراع التاريخي، طويل الأمد، بين السعودية وايران على لعب دور حامي الخليج، مجيّشين، هنا ايضا، المشاعر الطائفية، للتغطية على الجوهر الحقيقي للصراع، اي التفرد بالسيطرة والنفوذ.

و ما دام الشيء بالشيء يذكر، فان كاتب هذه السطور حذر في رسالة الى رفيق قيادي في الحزب (الشيوعي العراقي - لعله ما يزال يتذكر)، وكانت الأزمة السورية ما تزال في بداياتها، من تحول الأقتتال في سوريا الى حرب طائفية تشمل المنطقة بأسرها، ودعا الى عقد اجتماع طارئ للقوى اليسارية والديمقراطية في المنطقة، لتدارس سبل مواجهة هذا الموقف. وها هو الرئيس الفرنسي هولاند يحذر من امتداد الصراع الى العالم باسره!

صحيح ان الصراع، سواء في العراق او في المنطقة باسرها، ليس، بالقطع، صراعا بين الشيعة والسنة، بل بين الشعب العراقي وشعوب المنطقة وبين الارهاب، بأشد اشكاله وحشية، لكن ينبغي لتحقيق الأنتصار على الإرهاب اجادة تعبئة القوى، كل القوى السليمة، وحرمان العدو من المناورة ومن محاولة استمالة بعض القوى، القلقة المترددة، لتتحول، مرة اخرى، الى حاضنة للإرهاب.

  كتب بتأريخ :  الأحد 18-10-2015     عدد القراء :  2376       عدد التعليقات : 0