الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\" التحالف الرباعي\": ما له وما عليه (4)

هواجس...

إذا كان للفريق الذي يدّعي تمثيل السنة، او المناطق السنية، هواجسه فيما يتعلق بترجيح التحالف الرباعي لكفّة على كفة في الصراع على السلطة والثروة (وهذا هو جوهر الصراع بين الكفتين، او داخل كل كتلة على حدة، واحيانا داخل الفريق الواحد، مما يتطور، احيانا، الى تحالفات لا علاقة لها بالإنقسامات الطائفية/ السياسية المزعومة، بل بتطمين مصالح المتحالفين، كتلاً او فرقاً اوحتى اشخاصاً، وليس هذا هو، الآن، مجال الدخول في تفاصيل ما يسمى بـ"العملية السياسية"، التي ولدت خديجاً، وظلت تحت العناية الأميركية، او الإيرانية، او كليهما، المركزة، كما حدث اكثر من مرة)؛ إذا كان لهذا الفريق، اذن، هواجسه من التحالف الرباعي، فثمة فريق آخر، له، هو الآخر، هواجسه، الا انه يختلف، كلياً ونوعياً، عن الفريقين الرئيسيين المتصارعين؛ اعني به التيار المدني الديمقراطي.

فهو لا يدعي تمثيل فئة او طائفة او مذهب او قومية الخ... بالذات، بل يمثل، او يطمح الى تمثيل، كل هذه الفئات، اي الشعب العراقي بأسره، وبالأخص الفئات المحرومة، المتضرّرة من سياسات الإحتلال وما خلّفه من فئات نهّابة لا تنمّي ثروتها عن طريق العمل والإستثمار المنتجيْن، حتى لو كان رأسمالياً، بل عن طريق سيطرتها على الدولة، واستغلال ذلك لنهب ثروات الشعب بإسرع وقت، وبأية وسيلة، وهي لا تتورع عن استخدام اية طريقة، لحماية مكاسبها الحرام، ولتعظيمها، باضطهاد منتقديها وحرمانهم من ممارسة حقوقهم الدستورية، سواء باستخدام اجهزة الدولة، او بتكوين مليشيات تمارس اساليب الخطف والاغتيال والترويع. وسياسيّو هذه الفئة او الفئات بدل ان يرتفعوا الى مستوى رجال دولة، انحطوا بالدولة الى مستوى مافيا (عصابة او عصابات جريمة منظمة) وتحولوا من رجال دولة (هل كانوا بالأصل او تصرفوا، يوماً، كرجال دولة؟) تحولوا الى زعماء مافيات، من المستوى الأدنى، الذي يعكس تخلفهم و جهلهم وانحطاطهم.

يضم التيار المدني الديمقراطي، حزبيّين ولا حزبيّين، شيوعيين و ليبراليّين ومستقلين "من اصحاب الأيدي النظيفة" كما اصطلح اكثر الناس على تسميتهم، نقابيين من مختلف التخصصات والمهن، مثقفين: كتاب، صحفيين، فنانين (على تنوع تخصصاتهم) وغير ذلك.

هم اصحاب رؤيا: يحلمون ويسعون من اجل إعادة بناء عراق غني، ليس بثروته، فقط، بل بتنوعه الديني والمذهبي و القومي، في كل المجالات. عراق تلوّنه أطياف الشمس...

يقال انهم (إننا) حالمون؛ فليكُن! ألم يكن الحلم بداية اي تغيير، في كل ميدان من ميادين الحياة ؟ ألا يستحق هذا الشعب الملوّع، المسكين، المشرّد اكثر من ثلث سكانه، الذي تناهبته، و ما تزال، سكاكين الظلم والبطش والإحتلال بكل ما خلّفه من جرائم ومجرمين وأوبئة، ألا نستحق حتى ان نحلم ونسعى، معنا كل الخيّرين، من اجل تحقيق حلمه (حلمنا) بالحرية والسعادة والعدل؟

هذا الفريق لا يسعى لترجيح كفة ضد كفة، بل الى ترجيح كفة الشعب العراقي بأسره. ولعب ناشطوه دوراً بارزاً في الدفاع عن مصالح الكادحين وسائر الفئات المحرومة، حتى من أبسط المتطلبات الأولية للحياة (الكهرباء، الماء، العمل... الخ). هذا النشاط الذي تراكم وتطور الى المظاهرات المتواصلة، في كل مكان ممكن، تقريبا (عدا المناطق المحتلة) ليس فقط من اجل حقهم في التمتع بمتطلبات الحياة اليومية، بل ضد من تسبّب في حرمانهم منها، في المقدمة الفساد والفاسدين.

هؤلاء، او بعضهم، يطرحون تساؤلات مشروعة: الى اي مدى سينعكس عقد "التحالف الرباعي" على الصراع الدائر في العراق ليس ضد داعش، فقط، بل ضد الفساد ومن اجل التغيير. ولا يمكن الفصل، ابداً، بين وجهي الصراع هذين، بل يكاد يذهب البعض الى انه من اجل هزيمة داعش ينبغي العمل من اجل ازالة العوامل التي مكّنت لداعش ومحاسبة من مكّنها، جنباً الى جنب تعظيم وتركيز الجهد العسكري من اجل دحر داعش.

ولعل ما يحفّز هذه التساؤلات، التي تبلغ، احيانا، حد الهواجس، موقف بعض الجهات النافذة في طهران من المطالب المشروعة التي طرحتها حركة التغيير، بما فيها محاسبة الفاسدين، واندفاعها الى الدفاع عمن طالتهم الإتهامات بالفساد، والتقصير والإهمال في مواجهة كارثة سقوط الموصل وتداعياتها ممن تعتبرهم هذه الأوساط (في طهران) اصدقاءها وحلفاءها. هذا الإندفاع الذي وصل مستويات غير مقبولة اثار غضب اوساط حكومية وغير حكومية، وامتعاض المرجعية الرشيدة، وغير ذلك، مما تداولته الأنباء والصحف.

يضاعف تساؤلات وهواجس اصحاب التغيير، اندفاع الأوساط التي وقفت موقف المشكّك والمتحفظ الذي يبلغ، في الكثير من الأحيان، حد معارضة، مطالب التغيير التي تبنى بعضاً منها، السيد العبادي. هذه المعارضة التي بلغت، احياناً، محاولات التخريب، وتطورت هنا وهناك الى اختطاف بعض الناشطين واغتيال بعض آخر، وغير ذلك مما نشهده ، ويتواصل...

و يتساءل اصحاب التغيير:هل سيتحول "التحالف الرباعي" من تحالف لتبادل وتنسيق المعلومات العسكرية والاستخبارية الى عامل مؤثر في السياسة الداخلية العراقية؟ بتعبير اكثر وضوحا: هل سيتحول الى عامل مرجح في الصراع الدائر لصالح العاملين ضد التغيير؟ والى اي مدى سيؤثر هذا التحالف على التطور اللاحق للعراق؟ وينبثق عن هذا التساؤل تساؤل آخر لعلّه لا يقل اهمية:

هل يمكن تفادي ذلك؟ وكيف؟

  كتب بتأريخ :  الأحد 18-10-2015     عدد القراء :  2637       عدد التعليقات : 0