الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\"التحالف الرباعي\": ما له وما عليه (5)

جدل الداخل والخارج

طرحت في ختام الحلقة السابقة (4) التساؤل التالي: "هل سيتحول التحالف الرباعي الى عامل مرجح في الصراع  الدائر بين قوى التغيير والقوى المعارضة (الى حد العداء اكثر الأحيان) للتغيير لصالح الأخيرة؟ والى اي مدى سؤثر هذا التحالف على التطور اللاحق للعراق؟ وينبثق عن هذا التساؤل تساؤل آخر: هل يمكن تفادي ذلك؟ وكيف؟".

لا انكر ان هذا التساؤل هو، بالنسبة لي، ليس جديدا، وقد شغلني منذ سنوات، منذ قبل سقوط صدام حسين ونظامه. وكرست لذلك اكثر من مقالة، جمعتها ومقالات اخرى، في كتاب عنوانه"جدل الداخل والخارج". (صادرعن دار الرواد المزدهرة اواخر 2006)-اي دور العوامل الداخلية والخارجية في حل الأزمة العراقية  - ومن بين ما كتبته في هذا الصدد الرسالة الموجهة الى المؤتمر الخامس للحزب (الشيوعي العراقي) بتاريخ 10/تشرين الأول/1993 (اي بالضبط، قبل 22عاما). وجاء فيها: "لطالما تعرض العراق في تاريخه الحديث للأزمات. وإذا كانت الدولة وانظمتها المختلفة تتفسخ، كان نقيضها وفي القلب منه الحزب، يلعب، بما يمثله من مشروع مستقبلي (للتغيير)، دور أداة توحيد للعراق يحفظ له تماسكه، حتى لو بقدر. لكنه للمرة الأولى، يغيب غياباً بالغ الخطورة، مركز الجذب في حياة العراقيين، وتنحدر الدولة ونقيضها، ومعها العراق بأسره، الى مهاوي التفتت والضياع... واذ تتعدد الطرق وتتباين المسالك، وبينها من يرهن مستقبل العراق للشركات المتعددة الجنسية ويعادل بين الديمقراطية، وبين التغريب والأمركة، فانه يبدو ملحاً، اكثر من اي وقت مضى، الشروع في تكوين تحالف عريض لليسار والديمقراطية والتقدم، ويعدل ميزان القوى داخل المعارضة وداخل العراق ويشكل مركز جذب حقيقي فعال، يستنهض همّم العراقيين، ويؤثر على مشروع البديل".

يبدو لي ان الوضع الراهن في العراق، لم يختلف، من حيث الجوهر، رغم كل التطورات التي طرأت منذ عام 2003، عما كان عليه، إن لم يصبح، من نواحٍ كثيرة، أسوأ. وأسوأ ما فيه انه بينما توقع الكثير من العراقيين ان التطورات التي طرات ستفتح الباب لعراق مختلف، فان ما شهدوه وخبروه وما زالوا، اصابهم بخيبة امل كبيرة.

فالدولة التي تكونت بعد 2003 تعاني من ضعف بالغ، على كل صعيد، وبدأت تتحول ازمتها، بتراكم التعقيدات والصراعات بين اجنحة النظام، على السلطة والثروة، والكوارث التي ادت اليها على كل صعيد، بدأت تتحول الى ازمة وجود، تهدد العراق في سيادته واستقلاله، ما تبقى منهما! والأخطر، على صعيد وحدته. وجوده ككيان.

ومع انه بدأت تتطور حركة جماهيرية تحت شعارات مدنية، الا انه لم تتطور، بعد، بحيث تشكل بديلا. صحيح ان ذلك يتطلب وقتاً، يقصر او يطول، بحسب تطور الظروف، إلا ان التطور السريع للأحداث في العراق وحوله، وفي العالم، قد لا يسمح لقوى التغيير ان تأخذ فرصتها في لعب دور هام، مؤثر، على تطور الأحداث. ولقد عبرت عن ذلك في مقابلة اجريت معي على قناة الآرامية، حين سئلت عن رأيي في اصلاحات د. العبادي، مستعيراً المثل الشعبي الذي يقول: "الركَعة زغيرة والشكَ جبير".

من بين التطورات، التي اشرت اليها "التحالف الرباعي". وهذا يعيدنا الى التساؤل الذي بدات به: "الى اي حد سيؤثر هذا التحالف على التطور اللاحق للعراق؟ وينبثق عن هذا التساؤل تساؤل آخرلا يقل اهمية:هل يمكن تفادي ذلك؟ وكيف؟

كنت انوي ان اجيب على هذا التساؤل في هذه الحلقة، لكن التداعي الذي قاد الى التذكير بأوجه الشبه بين الوضع الراهن وبين الوضع قبل سقوط صدام حسين ونظامه، انزلق بي الى الإطالة، يكفيكم شرهما.

19/10/2015

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 20-10-2015     عدد القراء :  2811       عدد التعليقات : 0