الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
القرار الآن للعبادي

سحب التفويض الممنوح من مجلس النواب إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي لتطبيق خطة الإصلاح التي اقترحها وأردفها البرلمان بخطة موازية، وكل الخطوات اللاحقة المحتملة ومنها سحب الثقة من العبادي لاطاحته بذريعة التجاوز على الدستور والقوانين وعدم التشاور مع كتلته وائتلافه وغيرهما، هي جميعاً كناية عن شيء واحد هو عدم رغبة الطبقة السياسية المتنفذة باجراء إصلاح بأي شكل وبأي مستوى.

أعتقد جازماً بأن هذا هو معنى ومضمون إعلان معظم كتلة دولة القانون (60 نائباً) سحب تفويضها لرئيس الوزراء الذي أيّدت على مضض قبل سنة توليته رئاسة الحكومة وعلى مضض أيضاً صفّقت منذ شهرين ونيف مع الآخرين لخطتي الإصلاح الحكومية والبرلمانية، فدولة القانون، كما سائر الكتل والائتلافات المتنفذة في البرلمان والحكومة، تتضرر أشد الضرر من الإصلاح الذي اقترحه العبادي تحت ضغط الحراك الشعبي الحاظي بتأييد نادر وذي قيمة كبيرة من المرجعية الدينية العليا في النجف.. الإصلاح سيعني ملاحقة الأغلبية من مسؤولي هذه الكتل والائتلافات وارسالهم إلى القضاء والسجن عن الفساد الذي مارسوه بأنفسهم أو عبر نوابهم ووزرائهم ووكلاء الوزارات والمدراء العامين الذين اختاروهم لهذه المناصب، وعن الخطايا التي ارتكبوها وهم يمارسون السلطة، تنفيذية وتشريعية وقضائية.

العبادي يقف الآن عند مفترق طرق، ليس أمامه سوى خيارين، الأول أن يتراجع عمّا فعله وعمّا يفكر به على صعيد الإصلاح، فدولة القانون وسائر الكتل والائتلافات المتنفذة في الحكم لن تقبل منه بأقل من هذا، وإن لم يفعل فالسلاح موجود والتهمة جاهزة: انتهاك أحكام الدستور وتجاوز القوانين والخروج على التفاهمات السياسية.. هذا السلاح ستشهره في وجهه الأغلبية في مجلس النواب من حزبه وكتلته وائتلافه ومن آخرين في الكتل والائتلافات الأخرى غير قليلين، ذلك أن المتورطين بالفساد وبالخطايا الكبيرة كثيرون، والمناهضين للإصلاح، سياسياً كان أم اقتصادياً أم إدارياً، بالكثرة نفسها.. انهم أغلبية الطبقة السياسية، أغلبية أعضاء مجلس النواب وأغلبية الوزراء وأغلبية أعضاء مجلس القضاء وأغلبية كبار البيروقراطيين في الدولة.. ردود الفعل الحادّة على سلّم الرواتب واحد من الشواهد على هذا.

بالطبع هذا الخيار لن يكون سلّم نجاة للعبادي، فالخطوة التالية بعد تراجعه ستكون دفعه باتجاه الاستقالة، فإن لم يستقل ستكون الإقالة (سحب الثقة) خيار المنتصرين عليه في معركة الإصلاح.

الخيار المضمون للعبادي هو الركون إلى أهم قوتين يمكنهما الوقوف في وجه مناهضي الإصلاح.. الناس الذين نزلوا إلى ساحات التحرير منذ 31 تموز الماضي والمرجعية الدينية في النجف.. كما كتبنا في السابق فان أمام العبادي، على هذا الصعيد، تجربة ناجحة هي تجربة الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي، فهو عندما كان وزيراً للدفاع طلب من الشعب تفويضاً له وللقوات المسلحة بحل الأزمة السياسية التي نشأت في البلاد أثناء حكم الأخوان المسلمين، وقد نجح السيسي في الحصول على التفويض وفي إنجاز التغيير الذي أراده المصريون، وفي الوصول هو نفسه إلى كرسي الرئاسة.. لكن هذا الخيار يتعيّن أن يقترن بصيغة واضحة للإصلاح يتولاها فريق من الاختصاصيين المهنيين، وبسياسة شفافة للحكومة ورئيسها.

الخيار خيار العبادي، والقرار الآن قراره.. فماذا يكون؟

  كتب بتأريخ :  الخميس 29-10-2015     عدد القراء :  2355       عدد التعليقات : 0