الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لماذا أفلسنا ؟

منذ أشهر والحكومة ومعها جوق " السياسيين " يُعلنون بصوت واحد : إننا بلد مفلس أو بتعبير أكثر لطفاً على " باب الله " ، الخبر بالنسبة للمواطن الذي يعتبر الحكومة وخزينتها ذخراً له في أيام المحن ، يعدّ غريبا وعجيبا ، فالمواطن اعتاد انه هو وحده الذي يمكن ان يعلن إفلاسه ، لكن كيف يفلس بلد ينام على بحيرات من الذهب الأسود ؟ ، كيف يعلن بلد مثل العراق حالة التقشف وشد الاحزمة على البطون وهو الذي حصل من الاموال خلال عشر سنوات ما يعادل ميزانية قارة افريقيا مجتمعة ؟ منذ ان بدأنا نتابع أخبار الموازنة اخبرنا السادة القائمون عليها ان هناك بعض المشاكل ، ولابد من اعادة مصطلح"شدّ الأحزمة" الى الحياة ، لم تبق مليارات تصرف على مهرجانات " الولاء ".

لماذا افلسنا ؟ التفسير جاهز ،لأن الغرب سرقنا ونحن نيام ، وبعد..لأنّ الامبريالية حولت اموال النفط الى بنوك عمان ودبي ، وبعد لأن الرجعية لاتريد لنا ان نبني مستشفيات ومدارس ومصانع ، أما السبب الحقيقي الذي لا يريد احد من المسؤولين ان يقوله : لأنّ ممارسة السرقة أصبحت أمراً طبيعياً، ولأنّ سياسيين سرقوا من مال البلد أكثر من ميزانيات دول الجوار!

من يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا نتوسل الامم المتحدة ان ترعى اللاجئين العراقيين ، ولماذا نفرح حين يوافق البنك الدولي على التفكير بإقراضنا بضعة ملايين ، نرجو إفادتنا. أنا لم أعد أتابع التفاصيل وسأكتفي بمتابعة الجولة الجديدة التي سيقوم بها وزير خارجيتنا الى اليابان ، هذه المرة لا يريد السيد الجعفري ان يتعرف على فلسفات الشرق ، فالرجل تجاوز مرحلة " الشنتو الياباني " مثلما تخطى " كونفوسيوشية " الصين منذ عقود ، ببساطة يريد ان يعرف كيف استطاعت اليابان ان تتحول من بلد محطم بعد الحرب العالمية الثانية الى واحدة من اكبر اقتصاديات العالم .

عندما خرجت طوكيو مهزومة في الحرب ، كان امامها طريقان ،إما التغني بأمجاد الماضي ورياضة الساموراي ، وإما الانفتاح على العالم الجديد والاستفادة من كل خبرات " المستعمر الاميركي " فكان القرار بان يتحول المواطن الياباني ، إلى أرقى مستويات المعيشة في العالم. وفي عزّ الصراع النووي ، كان اليابانيون يبنون المصانع ويصدّرون للعالم اجهزة سوني وسيارات تويوتا ، ومن مدن دمرت في الحرب قرر اليابانيون ان يقيموا نموذجا لبلاد عصرية ، وفي غياب الثروات الطبيعية، اعتمدوا على ثروة العقول التي كان شعارها التسامح مع الجميع بمختلف دياناتهم واطيافهم ومعتقداتهم ، لا مكان للثأر وحرق الأعلام ، المكان الأول والأخير للعمل ! لا مكان للدموع والخيام ، والاهم لا مكان لضجيج اشاوس الفيسبوك ، الذين نصفهم لا يقرا ولا يكتب ، لكنهم يعملون في السياسة .

  كتب بتأريخ :  الأحد 22-11-2015     عدد القراء :  3189       عدد التعليقات : 0