الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\"شاعور\" ساحة التحرير

كانت تظاهرة الجمعة الأخيرة في بغداد مفرحة ومشجعة، ولكن كان ذلك في بدايتها فقط .. فقد حدث شيء مزعج أطاح بالفرحة وبالشعور بالثقة حيال استمرار الحركة الاحتجاجية حتى تحقيق جلّ أهدافها في الأقل.

كانت أعداد المتظاهرين هذه المرة اكثر مما كانت عليه في الأسابيع الماضية، خصوصاً بسبب التحاق متظاهرين يمثلون المحافظات الاخرى، في فعل جميل عبّر عن وحدة الحركة الاحتجاجية ووطنيتها ووحدة أهدافها. وعدد المتظاهرين مهم لأن اعداء الإصلاح يراهنون على ذوبان المتظاهرين وتبخر حركتهم ومطالبهم في ساحة التحرير وسائر الساحات.

ما حدث هذه الجمعة أن أحد "الشواعر" الذين لم يتركوا صفة تبجيل وتمجيد وتأليه تعرفها اللغة العربية واللهجة العراقية إلا وقالوها في الدكتاتور المقبور صدام حسين، أُعطي مكاناً على المنصة الرئيسة لساحة التحرير .. أظن أنه عمل تنقصه الكياسة وتنقصه الحكمة، إن اجتماعياً أو سياسياً، ولا علاقة له ايضا بالبراغماتية، إذا كان الذين قاموا بهذا العمل الأخرق قد وضعوها موضع البراغماتية.

هذا "الشاعور" كان واحداً من ادوات صدام "الثقافية" في قمع الحركة الوطنية وفي ترسيخ دكتاتوريته المستهترة التي تتحمل المسؤولية ليس فقط عما حلّ بالعراق من خراب ودمار حتى 2003، وانما أيضاً مسؤولية ما يجري الآن – منذ 2003 – فهو الذي أورث لنا هؤلاء الذين يقتفون آثاره في تدمير العراق.

ساحة التحرير ليست حكراً على أحد، والحركة الاحتجاجية ليست لأحد دون غيره، لكن الحضور في الساحة كمتظاهر عادي، مثلي، شيء وتصدّر المنصة شيء آخر ..استدعاء هذا الشاعور الى المنصة أو تمكينه من الوصول إليها لم يكن عملاً حكيماً خصوصاً وانه لم يبادر الى أن يقدّم من على هذه المنصة أو غيرها اعتذاره الى الشعب العراقي عما كان يمجّد به الدكتاتور.

شخصياً سأقاطع ساحة التحرير الى أن احصل على تأكيد من النشطاء بأنهم لن يقترفوا من جديد خطأ الجمعة الأخيرة .. بالطبع انا لن أقلل أو أزيد في اعداد المتظاهرين مثلما "لم يزد حنون في الإسلام خردلة ......"، لكنني أجد أن من حقي ومن واجبي أن أعبّر عن احتجاجي وغضبي حيال تمكين هذا "الشاعور" الصدامي من اعتلاء مكان لم أزل أنظر إليه بقدر غير قليل من القدسية.

  كتب بتأريخ :  الأحد 22-11-2015     عدد القراء :  2751       عدد التعليقات : 0